أود أن استهل حديثي بتهنئة العالم الإسلامي في كل مكان بحلول الشهر الفضيل. أدعو الله أن يكون هذا الشهر, الذي تأتي فيه ليلة القدر...والتي هي خير من الف شهر", والذي نزل فيه القرآن الذي كان هدى لكل البشرية, أن يعم السلام, والسعادة, والرفاه على كل العالم الإسلامي.
إن شهر رمضان الفضيل يحمل الكثير من الجمال والبركة، سيكون من المستحيل تقريبا ذكرها جميعا هنا. في هذا الشهر الحرام, توحد المسلمين في جميع أنحاء الأقطار الإسلامية الواسعة، ووضعوا الاستياء من الماضي ورائهم, وتبنوا مشاعر الأخوة والتحالف والمحبة والرحمة والمودة. يتم رعاية الفقراء والمحتاجين من خلال تجمعات الإفطار والمعونة من المنظمات الخيرية والمحسنين، وخلق بيئة المباركة لجميع الأطراف المعنية..
شهر رمضان له آثار إيجابية جدا على أرواح الناس.تنخفض معدلات الجريمة بشكل كبير خلال هذا الشهر في العالم الإسلامي. يتم تجنب الكثير من الكذب، وارتكاب الخطايا وتجنب أي أنشطة من شأنها أن تغضب الله عز وجل. يشعرون بطاقة اكبر وأكثر إلهاما على التفكير والتصرف على نحو أفضل. الصوم يجعلهم يفكرون في مسائل لم يفكروا بها من قبل، وهذا يخلق عندهم الخوف من الله والشوق للآخرة في قلوبهم. يتقربون إلى الدين بشكل أكبر والكثير منهم يعيشون حياة أكثر ورعا وإخلاصا حتى بعد انتهاء شهر رمضان. وبالتالي، رمضان هو شهر البركات والخير التي لا نهاية لها..
ومع ذلك، فإن العالم الإسلامي يبدأ رمضان هذا العام في خضم الحروب والنزاعات والفقر. بدأنا شهر رمضان الماضي بالصلاة لانتهاء هذه الآلام والمعاناة والحروب التي يمر بها الأبرياء في العالم الإسلامي قريبا. هذا العام، المسلمين يواجهون صعوبات أكبر. في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، تحول الإخوة ضد الإخوة والمسلمين يحاربون المسلمين، والناس الأبرياء يقتلون من دون سبب، أجبروا على الخروج من منازلهم وبلدانهم، يجري تدمير تراثنا التاريخي والأمور تتصاعد أكثر مع كل يوم يمر..
ومع ذلك قال الله عز وجل في الآية 4 من سورة الصف كما: " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ"، وكان واضحا جدا أنه من واجب على المسلمين أن يكون متحدين. المسلمون هم الأوصياء على بعضهم البعض، ,وبما إنهم هم أولياء الله، أنصار الله، فلديهم قيم أخلاقية سامية لتحقيق السلام والعدالة للعالم. لهذا السبب ينبغي على المسلمين ان يحبوا، ويحتضنوا, ويساعدوا بعضهم البعض. ينبغي على المسلمين إحباط مؤامرة الشيطان على الفور لتحقيق جو من الوحدة والمحبة للعالم الإسلامي بغض النظر عن أي اختلافات عرقية أو طائفية أو أية اختلافات أخرى. قال تعالى في الآية 103 من سورة آل عمران، " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُو..." وأمر المسلمين أن يتحدوا، وأن يساعدوا، ويحبوا ويتعاونا مع بعضهم البعض فكريا وأن ينبذوا الشر فكريا وجذور العداء.
خلق الله القدر و أظهر لنا طريق الخلاص. الشيء الوحيد الذي عليك القيام به هو إتباع كلماته، وتحقيق المودة والرحمة للعالم الإسلامي. أمر الله المسلمين أن يضعوا جانبا كل الخلافات بينهما وأن يحبوا ويساعدوا بعضهم البعض. نحن ندعو الله من اجل أن يكون رمضان هذا العام الشهر الذي يوقف المسلمون فيه توجيه افواه بنادقهم الى بعضهم البعض ، واحباط مؤامرة الشيطان من خلال إطفاء نيران العداء والصراع، وأن يصبحوا أكثر محبة ورحمة وتفاهم وأكثر عقلانية تجاه بعضهم البعض..