بقلم : هارون يحيي
لا يريد الارهاب فقط سوي بث الخوف والرعب وابكاء الاخرين . فالارهاب يسعي دائما الي قتل الروح المعنوية لدي ابناء المجتمع الذي يستهدفه وذلك لغرض تدهور نوع الحياة وخلق شعورا من عدم الراحة والاظطراب داخل المجتمع المستهدف . ويريد كذلك تحويل الناس الي طوائف متصارعة وخلق حالة من الأنشقاق بين مسئولي الدولة وحالة من الأستقطاب في قلب الدولة نفسها . ويكمن الهدف الأكبر للارهاب في احداث تغيير سياسي-نفسي عن طريق العنف والتخويف وخلق كراهية وجنون عظمة، وكذلك عدم ثقة وكل هذا يؤدي في النهاية الي اجواء يمكن ان يحقق الارهاب فيها غاياته بسهولة ..
في الغالب يسعي الارهابي الي الحيلولة دون تكافل مجتمعي ، فالارهابي يرغب دائما في ان يري المجتمع راكعا مستسلما . فالمجتمع الذي يصبح رهينة للخوف والرعب ، يصبح مجتمعا خصبا للارهابي . ففي اللحظة التي تري اناسا باكين ، محبطين ويتجنبون القيام باعمال اعتيادية يومية ، فان ذلك يعني ان التهديد .قد ترك اثرا وان الارهابي قد حقق هدفه .
قبل حوالي بضعة ايام علي هجوم اسطنبول الارهابي، اغلقت المانيا مكتب قنصليتها ومدارسها في تركيا . وهذا بالضبط ما سعي اليه الأرهابيون . ولان الاغلاق لم يكن اجراءا عاديا ، فان ذلك اربك الأمة التركية. وعلي الرغم من ان البعض اتفقوا مع ذلك التوجه الالماني ، في اعقاب الاعتداء الارهابي في اسطنبول، فان الغالبية العظمي من الأتراك اعتبرو ذلك الأجراء تخوفا شديدا من الارهاب "
ان اجلاء المدارس والمباني الرسمية والشوارع في حال ضرب الأرهاب منطقة مدنية حضرية ، كما فعلت الحكومة الالمانية ، فان ذلك يصل في معناه الي الهزيمة . لذا فان ترك الاماكن العامة للارهابيين وتعزيز الانطباع بوجود " حالة خوف" يؤدي بالارهابيين الي الشعور بان جهودهم قد خلفت اثرا . ان مثل هذه الممارسات وبشكل غير مقصود تؤدي الي نتائج عكسية تخدم اغراض الارهاب .
لذا ، فان فمحاربة الارهاب ليست فقط مسئولية ضباط الشرطة والجيش ، فالمسئولية جمعية بالدرجة الاولي ولابد ان يكون النضال ضد الارهاب مسئولية الجميع بما فيهم الناس انفسهم . يجب علي الجميع ان يتحلو باكبر طاقة احتمالية .
فلو لم يؤدي الارهاب الي ابكاء الناس وكان بدلا من ذلك قد خلق شعورا من التكافل بينهم ولو لم يترك الناس بلادهم بسبب الارهابيين ، لفشلت اعمال الارهابيين .
ولهذا السبب فان تبني موقفا خجولا مرجفا وتجنب الخروج لايتناسب مع دول تحارب الارهاب وخصوصا تركيا . بالتاكيد الحذر مطلوب في الاماكن المزدحمة وانه لابد من اتخاذ اجراءات ما ، الا ان المطلوب ايضا ان نعي جميعا بان الموت يمكن ان ياتي لأي احد وفي اي لحظة . فالجيش التركي وضباط الشرطة يبدون بسالة في نضالهم ضد الارهاب ، فهم لا يخافون ولا يمكنون الارهابيين من تحقيق اغراضهم . وعلي الناس انفسهم ايضا ان يتمتعوا بمثل هذه البسالة ولا يسمحو للخوف بان يسيطر عليهم . ان تعاونا بين قوات الامن والناس سوف يؤدي الي اضعاف الارهابيين ولن يستطيع الارهابيين وقتها ايجاد ملاذ في البلاد. ان ما يخيف الارهابي بشكل حقيقي وجدي، هي ارادة الناس وحزمهم وشجاعتهم !
في هذه المرحلة ، يعتبر منح بعض الحقوق للناس ذات اهمية قصوي وخصوصا في بلاد اصبح افيها الارهاب جزءا من الحياة اليومية للناس . فلابد من منح المواطنين الحق في الدفاع عن انفسهم ضد الارهاب ويجب ان يكون هذا الحق مشرعا. فسن قوانين جديدة لهذا الغرض ، تعتبر امرا جوهريا . وفي غضون ذلك ، لابد من شن حملات فكرية تساعد الناس وعناصر الامن والشرطة علي هزيمة المنظمات الارهابية. لابد من ان يعزز الوعي القومي ولابد من تطوير حملة ايديولوجية مضادة لفكر الارهاب. فتركيا، ابان سقوط الامبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية ، لم تصبح بلدا ديمقراطيا وقويا الا بعدما شنت نضالا بمشاركة الشعب . فمثل هذا النموذج من النضال الوطني، بات جوهريا في يومنا هذا ..