من الواضح أن عدم تحقيق وحدة العالم الإسلامي ليست مشكلة خطيرة بين المسلمين فقط، بل هي ظاهرة ذات آثار ضارة على السلام الشامل والوئام في العالم الإسلامي.
فالحروب والفتن والصراعات والأزمة الاقتصادية والفقر والمجاعة تضرب تقريباً كل ركن من اركان العالم الإسلامي، ويعود ذلك الى افتقار التضامن بين المسلمين، على الرغم من امتلاك جميع الوسائل المادية والروحية. وفي مواجهة هذه المحن، نجد الكثير من المسلمين، يئسوا وفقدوا الامل في الخلاص، لكن اليأس لا يعني التخلي عن المظلومين وتركهم تحت العنف، الذي يعد انتهاكا للضمير.
بعض المسلمين ببساطة لا يصغون لآلام ومعاناة غيرهم، خصوصا ان كانت هذه المشاكل لا تؤثر مباشرة على حياتهم اليومية.. بيد أننا نحتاج إلى أن نضع في اعتبارنا أن ما يصيب شخصا ما اليوم قد يصيبنا غداً.
في الواقع، هذه المشاكل انتشرت في كل مكان. وفي حالة غياب حل فوري ونهائي، فان تأثيرها قد يمتد الى مناطق ابعد من عالمنا الاسلامي، ناهيك عن أنه مقارنة مع السنوات السابقة، فان المشاكل التي تخيم على العالم الإسلامي نمت بشكل كبير، وطالت سطوتها الكثير من البلدان.
من ناحية أخرى، يجري ترقب مبادرات الدول الغربية لمواجهة هذه المشاكل، فمعونة هذه الدول وتوجيهاتها مطلوبان، إلى حد أصبح يُعتمد اعتماداً كلياً علىالغرب في مثل هذه الظروف. هذا النهج المتبنى من العالم الإسلامي، الذي يمتلك إمكانيات كبيرة في حال كان متحدا، هو بالتأكيد خطأ جسيم وعلامة ضعف. العالم الإسلامي، الذي كان قوياً على مر التاريخ، لا ينبغي له في اي حال من الاحوال القبول بكونه كيانا ضعيفا ويائسا في وجه المؤامرات التي تحاك ضده.
افتقار المسلمين إلى التضامن هو السبب الوحيد في تأطير هذه الصورة، ينبغي إيجاد وسيلة للخروج، إعادة إرساء السلام والرفاهية في العالم الإسلامي مرة وإلى الأبد ليس من الصعب على الإطلاق.
بمجرد وحّد العالم الإسلامي قواه، بإذن الله، لا أحد سيجرؤ على قهره. من الواضح أن الطاقة الهائلة التي ستتحقق مع إنشاء الاتحاد الإسلامي سوف تردع جميع القوى التي تحــــاول زعزعة استقرار هذا السلام.
وإذا عملت البلدان الإسلامية معا، ستحقق أيضا ثـــراء عظيما. الأراضي الأكثر خصوبة في العالم موجودة في العالم الإسلامي، لكن، نظراً لغياب الوحدة، لا يمكن استخدام هذه الموارد كميزة للمسلمين. لو تحققت الوحدة، فلن نرى الكثير من المسلمين تضربهم المجاعة ويعيشون حياة الفقر، أو يعيشون تحت القصف.
الحاجة الملحة لإقامة الوحدة الإسلامية جلية، والسؤال: هل من الصعب تحقيقها؟ وفقاً للبعض، فمن السهل إنشاء الاتحاد الأوروبي أو منظمة شانغهاي للتعاون، في حين لسبب ما، من الصعب تشكيل الوحدة الإسلامية. لا، ليس صعبا على الإطلاق! بل من الصعب أن نتصور أن الأشخاص الذين يتقاسمون نفس الإيمان، نفس الثقافة لا يمكنهم إنشاء وحدة في ما بينهم. ليس من الصعب على الناس المؤمنين بالله، الذين يعيشون نفس الإيمان، نفس الأخلاق ويتبعون النبي نفسه العمل معاً.
عندما يكون لدى المسلمين بصدق الرغبة لوضع حد للإضطهاد في العالم عن طريق هذه الوحدة، سيكون من السهل إنشاؤها.
يجب أن ندرك أن السبيل الوحيد للعالم الإسلامي هو وحدتهم. في الآية، «وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ» (سورة الأنفال 73). الله سبحانه وتعالى يعطي وصفا دقيقا للحالة التي يعيشها العالم الإسلامي في أيامنا هذه. وهكذا، البلدان الإسلامية يجب أن تستجيب لهذا النداء الإلهي وتتخذ إجراءات سريعة لإنشاء هذا الاتحاد قبل أن تنشأ حروب أكثر، ومِحن وكوارث تنتشر كالنار في الهشيم في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
٭ كاتب تركي
عدنان أوكتار