فهم عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ucgen

فهم عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

856

قال تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» (الأنبياء: 107).
عندما ولد حبيبنا ونبينا - صلى الله عليه وسلم - قبل 1400 عام، كانت شبه الجزيرة العربية صورة للبربرية والهمجية الحقة، وساد الأرض غياب تام للقانون والنظام، وثقافة راسخة من القتال المستمر، وإهمال صارخ للإناث. ولكن بعد 60 عاما، أشرقت حضارة ساطعة بسرعة كبيرة وزخم عظيم، وأشرق معها السلام منقطع النظير، والحب والمساواة وحقوق المرأة، والنظام. كل هذا جاء بفضل الله، على يد رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مثال الكمال الأخلاقي.

في الذكرى السنوية لمولده الشريف، دعونا نتذكر - مرة أخرى - جمال وفضل شخصه المشرف، ولماذا كان - وما زال - قدوة عظيمة للعالم أجمع.
عظمة شخصيته
بعدما فقد كلا والديه في سن مبكرة، نشأ نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ليصبح شابا متميزا، يلفت الانتباه لصلابة شخصيته. وبعدما ذاع صيته بين قومه أخذوا يلقبونه «محمد الأمين». في أرض تشيع فيها ممارسات كوأد البنات أحياء، علم نبينا الحب والرحمة والمغفرة والاحترام كما ينبغي أن يكون. وكان - صلى الله عليه وسلم - شجاعا استثنائيا لا يعرف الخوف، إذ صدع بمفرده في مواجهة نظام هائل عرف قادته بالوحشية، ودعا الناس لطريق الله بعزم شديد، ومن عليه الله في نهاية المطاف بنجاح لا مثيل له، جعل من الحضارة الإسلامية شمسا لا يمكن ردها. كانت طبيعته المحبة ورحمته قوة جذب.

عندما بزغ نبينا لقومه بحقائق الإيمان بالله، مبينا لهم أخطاءهم، رد المجتمع من حوله بهمجية غاضبة. لنحو 20 عاما، بعدما بعثه الله نبيا، كان الرسول وأصحابه يهاجمون بلا هوادة، وعذب الكثير من أصحابه، واستشهد بعضهم الآخر. وفي الوقت نفسه كان عليه أن يتعامل مع المنافقين ومؤامراتهم الخبيثة. وكان - صلى الله عليه وسلم - دائم الثقة بالله، مسلما لقدره، وكان مثالا في صبره وإنكار ذاته وعطفه وكرم سلوكه.

عندما عاد إلى مكة - وطنه - بعد سنوات، نبيا وقائدا منتصرا للأمة الإسلامية وجيشها، دخل مكة بدون مواجهة واحدة، على الرغم من مخاوف الوثنيين من الانتقام الذي سيحل بهم، بسبب هجومهم على المسلمين بكل وحشية وما خلفوه من شهداء في صفوفهم، ولكن النبي لم يسع للانتقام أبدا.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم - رغم مشقة العيش في الصحراء - نظيفا جدا في كل الأوقات، مهندما ووسيما.

حصلت النساء على الاحترام الذي يستحققنه بالنسبة له، كانت دائما ما تأتي المرأة في المقام الأول وتستحق أقصى درجات الاحترام والتقدير، وكان يثني على جميع من زرنه من السيدات، كما كان يخلع عباءته في بعض الأحيان، ويضعها على الأرض حتى يتمكن من الجلوس عليها. وقال في إحدى المرات مشيرا للنساء والأطفال «اللهم أنتم من أحب الناس إلي». وكان يلعب ويضحك مع زوجاته بحس فكاهي عال، مثل أن يسابق زوجته عائشة رضي الله عنها أو يرشها بالماء. وكان دائما ما يوصي أصحابه بأن يعاملوا زوجاتهم - وجميع نساء المؤمنين - بالعطف والاحترام.
كان الألطف والأكثر عطفا على الرغم من كل القوة والمقدرة اللتين كانتا له، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم شخصا عطوفا، يتأكد دائما أن جميع من حوله لا يشعرون بأي قدر من الضيق.

خرج الرسول صلى الله عليه وسلم سالما من وسط عصابة من المهاجمين القتلة. كما قال مصطفى كمال أتاتورك - بطل الاستقلال التركي والقائد التقي مؤسس الجمهورية التركية - حقيقة بقاء النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - محاطا بالأعداء لنحو 20 دقيقة وخروجه من بينهم سالما، هو معجزة مدهشة. على المرء أن يأخذ في الحسبان أن كل هؤلاء المعتدين كانوا يشهرون سيوفهم وسكاكينهم وسهامهم، بغرض إيذائه صلى الله عليه وسلم، ولم يستطع أي واحد منهم فعل ذلك. كانت هذه عناية الله التي حمته، وهي أيضا التي قهرت كل المحاولات الدامية ضده.

أظهر الرسول صلى الله عليه وسلم احتراما عميقا لأهل الكتاب - امتثالا لأوامر ربه - يمكننا اليوم أن نرى في الكثير من رسائله كيف كان مثالا رائعا للفروسية والصداقة والاحترام والحب. باختصار، كان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بفضل من الله شخصية رائعة جديرة بالحب. لقد أحب جميع مخلوقات الله، وشعر بعاطفة شديدة تجاه ظواهر الله. أظهر للعالم أجمع حق الرحمة والحب والسماحة والتواضع ونكران الذات والإخلاص. في هذه الأيام، في ظل معاناة العالم من الظلم والقسوة والأنانية، لا شك أن لدينا الكثير لنتعلمه من نبينا الحبيب.

http://makkahnewspaper.com/article/586891/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/%D9%81%D9%87%D9%85-%D8%B9%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo