إنه التفجير الثالث في قلب العاصمة التركية أنقرا منذ أكتوبر.. واتضح أن المنفذين هما عضوان انتحاريان تابعان لـ(PKK)، وكما هو الحال في اعتداءات سابقه في أنقرا، أظهرت الـ(PKK) وجها جبانا واستهدفت المدنيين.
وكما هو متوقع في أعقاب مثل هذا الحادث، أعربت العديد من الدول عن تعازيها للأمة التركية ومن المؤكد أن رسائل العزاء هذه مهمة في مثل هذه الحوادث. ولكن الشعب التركي وبسبب موقف بعض الدول من الـ(PKK) بدأ يتساءل عن رسائل «التوحد ضد الإرهاب» التي أطلقتها بعض الدول إزاء الـPKK).. ويتضح ذلك فيما يلي:
إنه وبعد أربع ساعات فقط من هجوم أنقرا، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أول شخصية رئاسية تتقدم بالتعازي.. إن مثل هذا التطور الذي جاء بعد التوتر المصطنع بين روسيا وتركيا لبعض الوقت، يبشر بتعافي العلاقة، كما أنه أسعد الأمة التركية بالتأكيد، ومع ذلك فإنه لا يخفى على أحد أن روسيا تدعم وتسلح الـ(PYD) الذي هو أساسا الذراع العسكرية لمنظمة الـ(PKK) في سوريا.
وفي أعقاب ذلك الهجوم أيضا، قدم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تعازيه بالقول «نحن نؤكد على شراكتنا القوية مع حليفنا التركي في مواجهة تهديد الإرهاب المشترك»، حمل هذا الاعتداء الآثم إشارة جيدة بأن الولايات المتحدة، حليف تركيا في الناتو، تقف إلى جانب تركيا، وعلى الرغم من ذلك ولبضع الوقت، قامت الولايات المتحدة بتزويد الـ(PYD) بالسلاح.
ومع أن السلطات التركية كانت قد أثبتت أن تلك الأسلحة تستخدمها الـ(PKK)، أعلنت الولايات المتحدة عزمها مواصلة الدعم العسكري للـ(PYD). وفي الحقيقة، أن لقاء المبعوث الخاص للرئيس أوباما، بريت ماكجورك، أثناء محادثات سوريا، بأحد أبرز أعضاء الـ(PKK) في كوباني وهو بولات خان، وتلقي خان لجائزة، ما زال حيا في ذاكرتنا.
وكان رئيس وزراء بريطانيا، ديفيد كاميرون، قد دان الاعتداء في تغريدة على حسابه على تويتر وصرح قائلا: إنني مصدوم للهجمات في أنقرا». إن هذه الكلمات تعبر بالتأكيد عن مشاعر كاميرون نفسه.. وما يدعو للسخرية هنا أن حكومة الظل البريطانية هي التي دعمت الـ(PKK) لسنوات، وأسست البنية التحتية لمؤسسات الـ(PKK).
«إن بريطانيا هي الدولة الوحيدة التي تتعامل مع هذه القضية بطريقة ذكية، فبريطانيا التي منحت حق البث لقناة MED، وهي المحطة التلفزيونية التابعة للـ(PKK)، هي بريطانيا أيضا التي تخطط السياسيات، تلك السياسات التي تنفذها الولايات المتحدة».
والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أيضا أدان الاعتداء في بيان نسب له «إن الرئيس يخاطب الشعب التركي برسالة تضامن عميقة على إثر الاعتداء الآثم الذي هز وسط أنقرا الليلة، وتسبب في سقوط العديد من الضحايا». ومن الواضح أن هذه الكلمات هي تعبير عن مشاعر هولاند الصادقة، ذلك الرجل الذي واجه أوقاتا صعبة بعد هجمات باريس الكبيرة.
وعلى الرغم من ذلك فإنه وقبل وقت قصير من تلك الهجمات، كانت باريس قد دعت السلطات التابعة للـ(PKK) إلى قصر الإليزيه، وقد تسببت تلك الدعوة في جعل الشعب التركي يفكر في ذلك البيان الرئاسي الفرنسي.. كما أن زوبيير إيدار، عضو اللجنة التنفيذية للذراع المدني للـ(PKK) والمسمي بالـ(KCK) كان قد شارك في مؤتمر في الجمعية الوطنية الفرنسية، مثل هذه المشاركة خلقت تساؤلا آخر في نفوس الشعب التركي.
إن أرادت الدول القيام بجهد جدي إزاء الإرهاب، فإنها بحاجة إلى أن تكون جادة في محاربتها للإرهاب.. إنه ليس مهما من وأين يستهدف الإرهاب، فالإرهاب لا يقبل الصداقة، كما أنه لا يفرق بين أهدافه. نأمل بأن نرى هذه الدول الحليفة لنا، تقف إلى جانبنا بشكل جدي في جهودنا لمكافحة الإرهاب.