ا يُمكن حل مُشكلة قرة باغ على الأرض وحدها
ucgen

ا يُمكن حل مُشكلة قرة باغ على الأرض وحدها

1064

هارون يحيى

الصراع واسع النطاق بين أذربيجان وبين أرمينيا - والذي نشأ بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية - له خلفية سياسية كبيرة، ويخدم مصالح سياسية لأطراف مُعينة بطرق مُختلفة. في عام 1988، تصاعدت الخلافات بين البلدين حتى نشبت بينهما الحرب، وتسببت الحرب بين عامي 1991 و1993 إلى احتلال أرمينيا لإقليم ناجورو قرة باغ التابع لأذربيجان، واستمرت الصراعات بينهما لما بعد ذلك. على الرغم من هدوء الصراعات بعد اتفاق بيشكيك والذي تم توقيعه عام 1994، إلا إن مجموعة مينسك كانت بعيدة كل البعد عن حل المشاكل بينهما، بالإضافة لذلك كان للعالم المُنقسم لجبهتين - في حينها - تأثيره على الأحداث، وحاولت الجبهة الغربية تصفية حساباتها مع القوقاز من خلال البلدين. على الرغم من حقيقة أن جميع الأطراف دخلت حالة التأهب بعد مرور 22 عامًا من الهدوء، إلا أنه قد حان الوقت لوضع حد للنزاع واسع النطاق الذي أدى إلى وفاة مئات الأشخاص الأسبوع الماضي، حيث لم يتم اقتراح أي حل فعال وحقيقي، غير عرض وقف إطلاق النار.

على الرغم من تولي روسيا دور الوساطة بين أطراف الصراعات الجارية، إلا أن عددًا كبيرًا من الناس يلقون باللوم على روسيا لحدوث تلك الصراعات من الأساس. ومع ذلك، فمن الصعب معرفة ما إذا كان السبب نفسه ينطبق على كل الصراعات الأخيرة. حتى لو كان هذا هو الحال، فبدلًا من اعتماد سياسة اللوم المباشر لروسيا، سيكون - بالطبع - من الأنسب إدراك أن القضية تنبع في الأساس من مشكلة انقسام العالم لجبهتين، وإلقاء اللوم على الماديين سيغرس في العقل الجمعي العالمي فكرة "صراع الحضارات".

عندما نفكر في قضية أوكرانيا هذه الأيام، سنجد أنه قد تم تهميشها من الغرب لفترة طويلة، وكانت روسيا تتصرف باندفاع دفاعي لحماية حلفائها السابقين. وفي معرض تحليلنا لهذا الأمر سنجد أن روسيا لديها توق منذ أمد بعيد للتعاون مع الغرب ولكنها لا تتلقى نفس الرغبة من الجانب الآخر، وتَعتبر بعض التحالفات الغربية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي كتهديد متزايد عليها، كما وضعت مشكلة روسيا مع تركيا - وهي إحدى أعضاء الناتو - في أعقاب قضية أوكرانيا في موضع سلبي في أعين الغرب. أما الآن، فتحاول روسيا بكل الطرق الممكنة أن تربط حلفاءها السابقين بها.

دعونا نُعيد طرح القضية الهامة التي ذكرناها في البداية إلى أذهاننا: إن قضية قرة باغ عبارة عن قضية مُصطنعة تم إبقاؤها بدون حل من أجل تصفية الحسابات بين أطراف العالم ثنائي القطب. ومن أجل وضع حد لهذا، فإن العالم يحتاج إلى التكامل. يجب على الغرب الكف عن استقطاب روسيا أكثر من ذلك، والسعي بجد لتعزيز نزاهتها السياسية بدلًا من ذلك.

تتحمل تركيا جزءًا من المسؤولية في هذا الصدد، فقد كان من المُبهج جدًا سماع التصريحات معتدلة اللهجة المتبادلة مؤخرًا بين تركيا وروسيا، كما أن حل المشكلة المُصطنعة الأخيرة بين البلدين في أقرب وقت ممكن أمر ضروري لكلٍ من شعوب المنطقة، ولتأثير روسيا في الناتو، وللمجتمع الإسلامي على وجه الخصوص. عند هذه النقطة، يجب على تركيا أن تتبنى موقفًا سلميًا ووسطيًا فيما يتعلق بقضية أذربيجان وأرمينيا، ومن الأهمية بمكان بالنسبة لتركيا أن تعمل في انسجام تام مع روسيا بشأن هذه المسألة، وهذا لمصلحة المنطقة، ولإيجاد علاقات جيدة مع روسيا، ولكسب قلوب كل من الأذريين والأرمن.

دعونا نُكرر التذكير الذي قد ذكرناه ​​في هذه السطور من قبل: قضايا النزاعات الحدودية هي إحدى عواقب سياسة الأمر الواقع. الأمم التي تعطي الأولوية للمودة، لا تسعى لتحقيق طموحات إقليمية، وهذا هو الحال بالنسبة لأذربيجان وأرمينيا كذلك، فقد كان ينبغي اتخاذ إجراءات من شأنها تمكين إقامة تعاون وتضامن بين البلدين قبل ظهور الطموحات الإقليمية. فمنطق "الأراضي أولًا، ثم الاتفاق في وقت لاحق" يخدم الطبيعة المادية الأنانية الشريرة، ودائمًا ما يترك المشاكل دون حل، كما نرى هذا يحدث منذ سنوات. دعونا نبدأ من الأسفل لمرة واحدة؛ دعونا نُحسن علاقتنا ببعضنا البعض ونصبح أصدقاء أولًا، وسوف يتم حل النزاعات الحدودية بكل سهولة بعد ذلك.

http://makkahnewspaper.com/article/141609/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%AD%D9%84-%D9%85%D8%B4%D9%83%D9%84%D8%A9-%D9%82%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%BA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6-%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%87%D8%A7

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo