ألا تكفي موارد العالم لتلبية احتياجات الجميع؟
ucgen

ألا تكفي موارد العالم لتلبية احتياجات الجميع؟

31055

يعيش‭ ‬اليوم‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬بلايين‭ ‬نسمة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬يعتمدون‭ ‬في‭ ‬عيشهم‭ ‬على‭ ‬4‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الأغذية‭ ‬المنتجة‭ ‬سنويًا‭. ‬إن‭ ‬ما‭ ‬ينتجه‭ ‬عالمنا‭ ‬من‭ ‬غذاء‭ ‬يكفي‭ ‬لإطعام‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭ ‬ودون‭ ‬عناء،‭ ‬بل‭ ‬ويمكنه‭ ‬توفير‭ ‬50‭% ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬احتياجاتنا،‭ ‬أو‭ ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬ينتج‭ ‬عالمنا‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬سنويًا‭ ‬لإطعام‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬شخص،‭ ‬هذه‭ ‬الإحصائيات‭ ‬تثبت‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬أن‭ ‬المجاعة‭ ‬ليست‭ ‬هي‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬حروب‭ ‬العالم،‭ ‬وليس‭ ‬صحيحًا‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬يعتدون‭ ‬على‭ ‬بعضهم‭ ‬بعضًا‭ ‬أو‭ ‬يقتلون‭ ‬بعضهم‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مجرد‭ ‬العيش‭ ‬والبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬وليس‭ ‬صحيحًا‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬بقاء‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬وفاة‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭. ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬أريده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬هو‭ ‬تبيان‭ ‬أن‭ ‬الجشع‭ ‬والأنانية‭ ‬والطموح،‭ ‬هم‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬العدوان‭ ‬الكاسح‭ ‬والعنف‭ ‬ونزعة‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

تستطيع‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬إطعام‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬المفضي‭ ‬إلى‭ ‬الهلاك،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ذهب‭ ‬بعض‭ ‬اقتصاديي‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬إلى‭ ‬عكس‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طروحات‭ ‬من‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬مثقفي‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬توماس‭ ‬مالثوس،‭ ‬ونظريات‭ ‬غريبة‭ ‬تدعي‭ ‬أن‭ ‬نمو‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬يتزايد‭ ‬هندسيًا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتناقص‭ ‬الموارد‭ ‬الغذائية‭ ‬جبريًا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تفادي‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬مجاعة‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬مالثوس‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬ذات‭ ‬النظرية،‭ ‬راح‭ ‬يروج‭ ‬لضرورة‭ ‬‮«‬القضاء‮»‬‭ ‬على‭ ‬مجتمعات‭ ‬معينة،‭ ‬أي‭ ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬يقترح‭ ‬تدميرها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬نمو‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬مباشرة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحروب‭ ‬والمجاعات‭ ‬والكوارث،‭ ‬بينما‭ ‬أثبت‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬مقدورات‭ ‬الموارد‭ ‬ولا‭ ‬الموارد‭ ‬استنفدت‭ ‬مثلما‭ ‬توقعها‭ ‬مالثوس‭ ‬ومن‭ ‬سار‭ ‬على‭ ‬دربه‭.‬

‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬افتقارها‭ ‬لأي‭ ‬سند‭ ‬علمي،‭ ‬اعتُبرت‭ ‬نظرية‭ ‬الموارد‭ ‬المحدودة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬بمثابة‭ ‬القاعدة‭ ‬الفكرية‭ ‬الأساسية‭ ‬وراء‭ ‬الفكرة‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬انتهج‭ ‬أتباع‭ ‬فكرة‭ ‬مالثوس‭ ‬سياسة‭ ‬نهب‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬عبر‭ ‬استعمال‭ ‬القوة،‭ ‬واستغلالها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضغط‭ ‬العسكري،‭ ‬والحكم‭ ‬على‭ ‬شعوبها‭ ‬بالعيش‭ ‬في‭ ‬المجاعة‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭. ‬لقد‭ ‬شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثون‭ ‬الماضية،‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬كمية‭ ‬الأغذية‭ ‬المنتجة‭ ‬للفرد،‭ ‬بنسبة‭ ‬20٪،‭ ‬وبفضل‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مسألة‭ ‬الخصاص‭ ‬في‭ ‬كميات‭ ‬الموارد‭ ‬سببًا‭ ‬للجوع‭.‬

‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬حاول‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬مثل‭ ‬البريطاني‭ ‬جون‭ ‬ماينارد‭ ‬كينز‭ ‬وضع‭ ‬نظريات‭ ‬مالثوس‭ ‬موضع‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وقد‭ ‬شكلت‭ ‬هذه‭ ‬الدعاية‭ ‬أيضًا‭ ‬القوة‭ ‬الدافعة‭ ‬وراء‭ ‬الحروب‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬القرن،‭ ‬وفي‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬دبجت‭ ‬مئات‭ ‬المقالات‭ ‬ومثلها‭ ‬مما‭ ‬يسمى‭ ‬بالتقارير‭ ‬العلمية،‭ ‬تحذر‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬نفاد‭ ‬احتياطيات‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وقد‭ ‬استند‭ ‬السياسيون‭ ‬والعسكريون‭ ‬والمسؤولون‭ ‬الحكوميون‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬المزعومة،‭ ‬لتلبية‭ ‬جشعهم‭ ‬وطموحاتهم‭ ‬الشخصية،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططاتهم‭ ‬ومذابحهم‭ ‬بحق‭ ‬شعوب‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭.  ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يجهل‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬مليء‭ ‬بالوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬الذي‭ ‬سيستمر‭ ‬لفترة‭ ‬أطول‭ ‬بكثير،‭ ‬رغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الإجمالي،‭ ‬ورغم‭ ‬صعوبة‭ ‬استخراج‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الوقود،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التطورات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الحديثة‭ ‬قد‭ ‬وفرت‭ ‬التقنيات‭ ‬الكفيلة‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بذلك‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الطموح‭ ‬الجامح‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬الثروة‭ ‬الذي‭ ‬ميز‭ ‬الحقب‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬خلال‭ ‬القرنين‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬والتاسع‭ ‬عشر‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬تباطؤا‭ ‬بل‭ ‬حوَل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إلى‭ ‬حمام‭ ‬دم‭ ‬أيضًا‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬سلف‭ ‬ذكره،‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬هو‭ ‬‮«‬لماذا‭ ‬يعيش‭ ‬12٪‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬تحت‭ ‬عتبة‭ ‬الجوع‭ ‬اليوم؟‮»‬‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬بينته‭ ‬الأرقام‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمية،‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬850‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬مهددون‭ ‬اليوم‭ ‬بالخطر‭ ‬بفعل‭ ‬الجوع،‭ ‬والجواب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭ ‬ببساطة،‭ ‬الجشع،‭ ‬حيث‭ ‬يتقاسم‭ ‬أغنى‭ ‬1٪‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬نفس‭ ‬الثروة‭ ‬التي‭ ‬يتقاسمها‭ ‬50٪‭ ‬من‭ ‬أفقر‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬والسبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬وراء‭ ‬حالة‭ ‬الجوع‭ ‬والفقر‭ ‬المستشرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الموارد‭ ‬لا‭ ‬توزع‭ ‬بالتساوي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بقدر‭ ‬معقول‭ ‬من‭ ‬المساواة،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬تفوق‭ ‬فيه‭ ‬ثروة‭ ‬أغنى‭ ‬80‭ ‬شخصًا،‭ ‬ثروة‭ ‬مليارات‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عشرات‭ ‬البلدان،‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الظلم‭. ‬وثاني‭ ‬سبب‭ ‬وراء‭ ‬انتشار‭ ‬الجوع‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬التبذير‭ ‬الفاحش‭. ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم،‭ ‬تستهلك‭ ‬أقلية‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الموارد،‭ ‬وتبذر‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬منها‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬يتم‭ ‬إتلاف‭ ‬ثلث‭ ‬إجمالي‭ ‬إنتاج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي،‭ ‬و70٪‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬المهدرة،‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬نحو‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬مصدرها‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة‭. ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يبذر‭ ‬حوالي‭ ‬110‭ ‬كيلوغرامات‭ ‬من‭ ‬الأغذية‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬مجملها،‭ ‬تبدد‭ ‬45٪‭ ‬من‭ ‬الخضروات‭ ‬والفواكه،‭ ‬و35٪‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬السمكية،‭ ‬و30٪‭ ‬من‭ ‬الخبز،‭ ‬و20٪‭ ‬من‭ ‬اللحوم‭ ‬ومنتجات‭ ‬الألبان‭ ‬التي‭ ‬ننتجها،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬جبل‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬بارتفاع‭ ‬2500‭ ‬متر‭ ‬وبحوالي‭ ‬3‭ ‬كيلومترات‭ ‬في‭ ‬القطر‭.‬

وثمة‭ ‬سبب‭ ‬مهم‭ ‬آخر‭ ‬وراء‭ ‬ظاهرة‭ ‬الجوع‭ ‬والفقر،‭ ‬يعود‭ ‬للسباق‭ ‬المحموم‭ ‬نحو‭ ‬التسلح،‭ ‬حيث‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمة‭ ‬مشتريات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الموجودة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مستودعات‭ ‬التخزين‭ ‬العسكري‭ ‬تريليونات‭ ‬الدولارات،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أصبحت‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تمزقها‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬سوقًا‭ ‬بامتياز‭ ‬للأسلحة،‭ ‬وبينما‭ ‬تنفق‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬لقتل‭ ‬الناس،‭ ‬تكاد‭ ‬لا‭ ‬تبذل‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬لضمان‭ ‬بقائهم‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬وضعنا‭ ‬الراهن،‭ ‬تعرضت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تطعم‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬إلى‭ ‬التدمير‭ ‬شبه‭ ‬الكلي‭ ‬نتيجة‭ ‬القصف‭ ‬الذي‭ ‬نفذه‭ ‬من‭ ‬يتلهفون‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬المخزنة‭ ‬في‭ ‬مستودعاتهم،‭ ‬وهكذا‭ ‬نشاهد‭ ‬البشرية‭ ‬تقوم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحروب،‭ ‬باستنفاد‭ ‬الموارد‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬العيش‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬هذه‭ ‬الموارد،‭ ‬وتدميرها‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬بنائها‭.  ‬ونظرًا‭ ‬للوضع‭ ‬البائس‭ ‬والخطير‭ ‬الذي‭ ‬بلغته‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬يحاول‭ ‬الأخيار‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الضمائر،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬للمشاكل‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬القيمة‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تعترضها‭ ‬عراقيل‭ ‬لإفشال‭ ‬مساعيها‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬دائم،‭ ‬وإنه‭ ‬لمن‭ ‬المستحيل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تطورات‭ ‬إيجابية‭ ‬دائمة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬تجر‭ ‬معها‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأنانية،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬يستحيل‭ ‬التغلب‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬البعوض‭ ‬دون‭ ‬تجفيف‭ ‬المستنقعات،‭ ‬والمستنقع‭ ‬في‭ ‬وضعها‭ ‬الحالي،‭ ‬هو‭ ‬العقلية‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬الأنانية‭ ‬والجشع‭ ‬والعنف‭. ‬ويقع‭ ‬على‭ ‬النظم‭ ‬التعليمية،‭ ‬والنماذج‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والأيديولوجيات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مسؤولية‭ ‬تلقين‭ ‬وتعليم‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬للبشرية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للشر‭ ‬الاستدامة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يحل‭ ‬طريق‭ ‬السلام‭ ‬محل‭ ‬أيديولوجيات‭ ‬الدمار،‭ ‬وإثارة‭ ‬مصالح‭ ‬الغير‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬الأنانية،‭ ‬وفي‭ ‬عالم‭ ‬يؤثر‭ ‬فيه‭ ‬الناس‭ ‬تقاسم‭ ‬الخيرات‭ ‬مع‭ ‬غيرهم‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬احتكارها‭ ‬لأنفسهم،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬إرث‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتركه‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

https://www.azzaman.com/?p=211944

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo