رمضان شافي القلوب
ucgen

رمضان شافي القلوب

1312
 
 
 
لقد بلغنا بإذن الله القوي القدير رمضان الشهر الفضيل, والذي ينتظره المسلمين بكل شغف كل عام. ادعو الله ان  يجلب رمضان وهو خير اشهر السنة, كل الخير للمسلمين. 
أود أن أبدأ هذه الفقرة بتذكر المسلمين المضطهدين والمعرضين للعدوان في جميع أنحاء العالم. الملايين من الناس الأبرياء يكافحون من أجل البقاء في سوريا والعراق وأفغانستان وتركستان الشرقية، وميانمار، وشبه جزيرة القرم، وفلسطين، وسري لانكا، مورو، باتاني وأماكن أخرى كثيرة تنتظر يد العون من إخوانهم المسلمين..
إن من أعظم  مسؤولياتنا دون شك هي إن نضع أنفسنا في مكانهم، نفهم ظروفهم ونسعى بكل ما أوتينا من قوة لخلاصهم خلال هذا الشهر الكريم .
ندعو الله في هذا الشهر الفضيل أن يخلص المسلمين من مشاكلهم, وان يجلب عليهم بإذن الله أيام مشرقة مليئة بالسلام.
 
أن شهر رمضان هو الشهر الذي انزل فيه القرآن الكريم، الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور، إلى طريق دين الحق سبحانه وتعالى القوي الحكيم، فقد أنزله هداية، وتوجيها، وبشيرا ومذكرا لأولئك الذين يخشون الله  وجعله مهما جدا لجميع المسلمين. يقول الله سبحانه وتعالى عن هذا الشهر: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"( البقرة,185)
شهر رمضان، وهو من الشهور المقدسة, فيه ليلة القدر، حيث يصف الله  ليلة القدر بأنها "أفضل من ألف شهر.
 
رمضان هو شهر الرحمة والغفران، والتطهير، والكثير. هذا الشهر الكريم هو فريد من نوعه من حيث تجمع قلوب المؤمنين مع بعضها، الذين يوفون بالتزاماتهم بالصيام في وحدة واتحاد. في الحقيقة, يشعر المؤمنين بأنهم اقرب إلى بعضهم البعض، ويزداد شعورهم بالتضامن والدعم والأخوة المتبادلة، ويلتزمون مع بعضهم بأواصر المحبة في كل رمضان..
كل يوم من أيام رمضان هو يوم عيد للمسلمين؛ بل هو نعمة الصحة واليسر بالنسبة للعالم الإسلامي، وهو كله فرصة هامة لكسب رضا الله.. 
يخبر نبينا المؤمنين في أحدى الأحاديث: "كيف هم سعداء أولئك الذين يقضون هذا الشهر في الصيام، والعبادة و عمل الخير!. 
 
الطقوس الدينية التي أمر الله بها في شهر رمضان تضفي قيمة روحية كبيرة على المؤمنين ، وتساعدهم على التطور لأنها تكبح جماح الذات الدنيا وتحسن القيم الأخلاقية، وتحافظ على وعيهم الديني نقيا . الصوم يعلم صاحبه التغلب على الذات الدنيا وكبح جماح الرغبات الدنيوية؛ لهذا السبب وصف رمضان بأنه شهر الانتصار على الذات الدنيا.
 
ففي الوقت الذي يمتنع فيه المؤمنين عن الأكل والشرب أثناء ساعات الصيام، هم أيضا يتجنبون القيم الأخلاقية الهابطة، مثل الكذب، والغيبة، والكلام القبيح، أو الاعتداء، أو الغضب في مواجهة الأحداث. إنهم يفعلون كل ما في وسعهم لإظهار الفضائل الأخلاقية الجيدة..
يعيشون لحظات الجوع والعطش، ويتذكروا حاجة الفقراء والجياع ، يدركون أهمية مساعدة المحتاجين في حدود إمكانياتهم، وقضاء ما لديهم في سبيل الخير، ويتطلعوا إلى مساعدة أولئك الذين يواجهون الصعوبات..
يصف الداعية الإسلامي الشهير بديع الزمان سعيد النورسي كيف ان شهر رمضان يدرب الذات الدنيا: "إن الروح الغرائزية  ترغب بالحرية والاستقلال وتتصرف على هذا النحو. وفقا لاملاءات طبيعتها، فإنها ترغب بشكل كبير وتتصرف بناء على هذه الرغبة. لذلك, في شهر رمضان، فإن الروح الغرائزية للجميع، من أغنى الناس إلى أشدهم فقرا، قد تفهم أنها لا تملك نفسها، ولكنها مملوكة بالكامل؛ انها ليست حرة، ولكنها امة. فإنها تفهم إذا لم تتلقى أي أمر، فإنها غير قادرة على القيام بأبسط وأسهل شيء، فإنه لا يمكن حتى ان تمد يدها نحو الماء. ولذلك، إن رغبتها الكبيرة محطمة، فهي تؤدي العبادة وتبدأ في تقديم الشكر, واجبها الحقيقي.( الرسائل,الرسلة 29،النقطة الرابعة) 
من المهم جدا أن يكتسب هذا الإخلاص خلال شهر رمضان، وهذا التركيز على تدريب الذات الدنيا وهذا الورع على الفضائل الأخلاقية وذكر الله والصلاة، لا ينبغي بأن ينتهي بانتهاء رمضان.
 
ينبغي على الشخص الذي يملك الإيمان القوي أن يعيش على الفضائل الأخلاقية خلال شهر رمضان و في كل لحظات حياته. وينبغي عليه تجنب الشر طوال حياته، وان يصغي لصوت ضميره، والسعي إلى رضا الله مع إخلاص النية النقية واللجوء إلى الله وحده. هذه هي القيم التي ترضي الله.
 
 
البديل، بعبارة أخرى، العبادة والصلاة خلال شهر رمضان فقط ومن ثم التخلي عن القيم الأخلاقية للقرآن بعد هذا الشهر،  هي أمر نهى عنه الله. 
إني أدعو الله مرة أخرى إن يجعل هذا الشهر الفضيل شهر خير ومنفعة لكل المسلمين،  وان يجلب السلام لجميع الإخوة والأخوات المسلمين. ندعو الله إن تدوم القيم الأخلاقية المكتسبة خلا رمضان طيلة الحياة.
 

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo