على مرّ التاريخ، وضعت الهياكل السرية والعلنية المعتادة على إدارة العالم الدول الأخرى تحت سيادتها من خلال وسائل معينة. يتحقق هذا غالبًا من خلال الاعتمادية المالية. فالبنوك المملوكة للهياكل السرية مستعدّة دومًا للتدخّل بصفتها "مُعين يظهر في الأوقات الصعبة". لهذه الغاية تُولد الأزمات الاقتصادية، وتثور الثورات داخل البلاد، وتندلع حركات التمرّد وتُنفّذ الانقلابات. بهذه الطريقة، تُخلق جموع غاضبة. يؤمن هؤلاء الغاضبون عادة أنّهم يُقاتلون، ويثورون من أجل أيديولوجية، لكن الحقيقة، كل واحدٍ منهم تلقى تدريبًا من خلال تقنيات دعائية متنوعة، وتعسكر من خلال وسائل مُراسلة لا شعورية.
ميّز العام السادس من الثورة السورية ازديادٌ تدريجي في أعداد من يدركون الحقيقة، لقد صنعت القوى العميقة مخططات على دول الشرق الأوسط، وسوريا ما زالت تُعاني من عواقبها. لهذا كان اجتماع الدول الثلاث المتبصرة المستقلة في المنطقة، والتي رأت من خلال ذلك المخطط، من أجل تباحث القضية السورية أمرًا حيويًا، وضرورة لطالما كررنا ذكرها في عدّة أعمدة صحفية منذ اندلاع القضية السورية.
وعلى الرغم من أنّها لا تتشارك مسارًا موحدًا، فإن تركيا وروسيا وإيران هي الدول الثلاثة التي لم تكسر إجماعها حول قضية سوريا. الدول الثلاثة المذكورة رأت خلال الخطط الخبيثة للقوى العميقة التي سعت إلى بسط نفوذها على الشرق الأوسط، والحفاظ على موافقتها.
إن وحدة الأراضي السورية والتي رفضت الدول الثلاثة جميعها المُساومة عليه - تمثّل دليلًا على عدم إمكانية استمرار تواجد أي كيان متطرّف أو ستاليني داخل الأراضي السورية.
قرار الشعب السوري سيحدد من سيكون له القول في سوريا. لا ينبغي أن تُستجلب الديمقراطية التي طال انتظارها في الشرق الأوسط من خلال الانتفاضات والحروب الأهلية، وإنما من خلال الانتخابات، هذه هي الطريقة الرئيسية للتحرر من سيطرة القوى العميقة.
التشخيص هو أهم خطوة تجاه العلاج، تسري هذه الحقيقة أيضًا على القضايا بين الدول. لقد أدركت الدول التي تسعى في مصلحة سوريا المؤامرات الخبيثة التي تُحاك حول سوريا.
هذه المؤامرات هي ممارسات معتادة من الهياكل العميقة التي اعتادت التحكم في العالم واستغلاله. لذا، فإن هدفها الحالي هو توريط سوريا في تلك الخطة. لهذا السبب، تبذل روسيا وتركيا وإيران كل جهودها لحل تلك القضية، سائرة في مسارٍ تصالحي ومُعطية الأولوية للبصيرة، والثقة، والحب. لهذا مُشاركة دول المنطقة غير المتورطة مع الدول العميقة محورية، ولهذا يقترب من أيدينا الحل الدائم. ما نحتاجه الآن هو أن ترى الجماعات في سوريا الحقيقة وتدرك أنّها قد تمّ التلاعب بها.
بالنظر إلى التاريخ، يُمكن للمرء أن يرى أن البلاد المقسّمة والمُبتلاة بالاقتتال الأهلي دائمًا ما تسقط تحت سيادة الهياكل العميقة، والشعب دائمًا ما يتشكك في الاستفزازات بذريعة الديمقراطية والحرية. الديمقراطية والحرية مفهومان جميلان بالتأكيد، لكن الطريق نحو ضمان الديمقراطية والحريات ليس من خلال التمرّد، والغضب والكراهية. هذان المفهومان يناديان بتنمية بنية أيديولوجية وإزالة كل أنواع المشاعر المتعصبة. ومن أجل تحقيق هذا، يحتاج الشرق الأوسط أولًا إلى التحرر من سيادة القوى العميقة. وقد اتُّخذت الآن خطوة في سوريا تجاه تلك الغاية. إرساء السلام والديمقراطية أقرب من أي وقتٍ مضى.
http://www.pravdareport.com/opinion/columnists/03-02-2017/136782-syria_peace-0/
http://dailymailnews.com/2017/02/24/syria-is-one-step-closer-to-peace/