مع التطور التكنولوجي والاختراعات الجديدة، أصبح كل مجتمع يشهد ابتكارات متنوعة كل يوم. فكما أن استحداث وسائل مثلا التلفاز، الإنترنت أو أيضاالهاتف المحمول في الماضي قد أحدث عدة تغييرات في المجتمعات، أيضا في أيامنا هذه، كل إبتكار أقل أو أكثر أهمية، يحدث فرقا كبيرا في حياة الناس.
من أهم الابتكارات التي ظهرت في السنوات الأخيرة، الفيسبوك، هذا الأخير لديه جمهور واسع في كل بقاع العالم، لكن الهدف من استخدامه يختلف من شخص لآخر: التعريف بالنفس، إبداء الرأي، والتعرف على أصدقاء جدد.
إضافة إلى ذلك، فلكل مستخدم للفيسبوك هويته الثقافية التي تميزه عن الآخرين.
الشخص الذي يعيش في قرية صغيرة في شمال أوربا له ثقافته الأصلية الخاصة، بينما الشخص الذي يعيش في الصين له معتقادات مختلفة وتربية مختلفة وأذواق مختلفة تعكس أيضا ثقافته الخاصة.
الشخص الذي يعرف جيدا الإحترام والحب سيجد ضالته في الفيسبوك، وبدوره الشخص الذي يخلو من هذه القيم سيجد مكانا له أيضا في هذه الصفحات.
الشخص الذي لا يعير قيمة للناس والذي لايؤمن إلا بالعلاقات التي خلفها مصالح، يقوم بالتعرف على أصدقاء جدد عبر هذه الوسيلة، كذلك الأمر بالنسبة للشخص الذي يتمتع بوعي عميق وأخلاق فاضلة. حتى الملحد والدارويني سيجدان مكانا لهما في هذه الصفحات شأنهم اشأن الإنسان التقي الذي يسعى فقط وراء مرضاة الله.
ليس من الممكن طبعا، عبر هذه المقالة الوجيزة، تحديد أهداف مستخدمي الأنترنت و"الفيسبوك"، فنحن لا نسعى من خلال هذها لمقالة أن نعالج هذا الموضوع إنما هدفنا هو إظهار الكيفية التي يجب على المسلمين التفاعل بها فيضل هذه الثقافة الجديدة.
الإنترنت نعمة قيٌمة سخرها الله للمؤمنين في آخر الزمان، وهو وسيلة فعالة تقوم بتوجيه الناس في ثواني قليلة نحو المعلومات الأكثر دقة التي هم في حاجة إليها، كما يمكن إجراء حوار مع آلاف الأشخاص في نفس الوقت عبر الأنترنت، ليس هنالك شك بأن الأنترنت آداة جد قيمة بالنسبة للمسلمين الذين يودون تعليم الناس أخلاق الإسلام الحقة ودعوتهم لعبادة الله الأحد.
بينما الواقع هو أن أغلب مستخدمي الأنترنت قد يمكثون أوقات طويلة أمام شاشة الكبيوتر يتصفحون مواقع الإنترنت بدون هدف. ضف الى ذلك فإن تنوع المواضيع والمعلومات قد يساهم في هدر الوقت. وكمثال على ذلك ، لو أن شخصا أراد استعمال النت بغرض البحث عن موضوع معين ، فمن الممكن أن يتيه وسط غزارة المعلومات لساعات طويلة ويبتعد عن الموضوع الذي أراد البحث عنه.
بنفس الطريقة ، يمكن لصفحات الفايسبوك أن تسرق و تهدر بسهولة وقت من يرتادها وذلك بشد اهتمامهم وجعلهم يقبعون أمام شاشات الكمبيوتر.
أما بالنسبة للمسلم ، فالمعيار الذي يجب أن يتبعه فيما يخص استعمال الفايسبوك هو إضهار السلوك الذي يحبذ إتباعه لنيل مرضاة الله عز وجل ، فالمسلم لا يجب أن يصبح حبيس الأنترنت أو الفايسبوك ، بل عليه أن يقدر الوقت الذي سيقضيه هناك وأن لا يتناسى الهدف الذي دخل من أجله لتصفح هذه المواقع ، كما عليه تفادي الحوارات والمحادثات التي لا جدوى منها.
بإستعمال الفيسبوك أو الإنترنت ، يمكن لشخص ما القيام ببعض الأعمال التي من شأنها تحقيق بعض الأرباح ، لكن المؤمن أيضا مطالب بالعيش وفقا للأخلاق القرآنية من جميع جوانبه ، فعلى المسلم أن لا ينعزل عن محيطه عند جلوسه أمام شاشة الكمبيوتر للقيام ببعض الأعمال الخيرية ، بل عليه القيام بأحسن الأعمال و إظهار أفضل الأخلاق تجاه محيطه.
على المسلم أن يحكم ظميره عند استعماله للفيسبوك أو غيره من الوسائل ، تماما كما يجب أن يكون في حياته اليومية. عند القيام بعمل ما في مكان ما في الشارع ، عند التحدث في الهاتف ، أو مشاهدة التلفزيون أو قراءة صحيفة أو مجلة ، أو عند التحدث الى شخص ما في موضوع معين ، فالمؤمن عليه أن يفكر قبل أن يتصرف ، إذا كان كل سلوك أو عمل يقوم به وكل كلمة يستخدمها ستتوافق مع مرضاة الله أم لا ، وبنفس الطريقة ، ينبغي أن يكون في نفس الحالة من الانفتاح عندما ينجز عملا على الإنترنت.
على المسلم أن يتحكم في نفسه جيدا وأن يكون فعالا ومصلحا في مجتمعه ، و أن لا يتأثر بالأفكار و المعتقدات الفاسدة لمستعملي الفايسبوك والإنترنت ، بل هو مطالب أيضا أن يؤثر فيهم بحسن أخلاقه و سلامة سلوكه. عليه أن يكون أيضا محافظا على تعاليم القرآن أثناء محادثته للعلمانيين و الملحدين ، كما يتوجب عليه أن يكون فطنا و دقيقا في اختياره للكلمات أثناء الحوار ، حينها فقط سيتمكن الناس من التأثر و الاقتناع بأفكاره و تبنيها.
ضف إلى ذلك ، فالمؤمن عليه أن يكون قادرا على التمييز بين النافع من الأعمال و التافه و المضر منها. إذ يمكن لموضوع ما أن يظهر للوهلة الأولى ذا أهمية كبيرة للمتصفح ، لكن إذا أمعن النظر فيه قليلا لوجده غير مجدي. على المؤمن أن يستطيع تحديد العاجل و النافع من الأمور و أن تكون لديه الإرادة و الوعي لاختيار الأكثر نفعا وعلانية للغير.