نحن نرى الآن حفرية قديمة لسمكة طائرة، تعود هذه الحفرية إلى 95 مليون عام مضت، وقد وُجِدت في لبنان لإحدى الأسماك الطائرة التي كانت تعيش في ذلك الوقت. إذا تساءلنا ما هي الأسماك الطائرة، فيمكننا استكشاف ذلك بالتفصيل من خلال بعض أفلام بي بي سي الوثائقية. تتمكن تلك الأسماك من الطيران على ارتفاع مترٍ ونصف، أو مترين ونصف،أوخمسة أمتار في بعض الأحيان فوق سطح الماء، ويمكنها البقاء في الهواء لمسافةٍ تبلغ مائتي متر.
تذكرنا هذه الأسماك بالطيور، ولكن كان من المستحيل بالنسبة لها أن تعرف أنّ هناك هواء فوق السطح وأنّ هذا الهواء له خواص ديناميكيةهوائية، وأنّها تحتاج إلى هيكل ديناميكي لتستطيع الطيران في الهواء، كما كان من المستحيل لها أن تعْلم أنّ الأجنحة هي العامل الأهم في الهيكل الديناميكي، أو أن تعلم تشريح الأجنحة ووظائفها، وما تحتاج إليه لمقاومة احتكاك الهواء.
ولكن كما نرى في الحفرية، السمكة الطائرة التي كانت تعيش منذ 95 مليون عام كانت قادرة على التحليق في الهواء بالسرعة نفسها التي تطير بها الأسماك الطائرة التي تعيش الآن.
تمكنت هذه الأسماك من الهرب من الأسماك المفترسة بالطيران فوق سطح الماء. نرى هذا الذكاء الذي أظهرته تلك الكائنات مطابقًا تمامًا لما هو واضح في الحفريات. يمكننا القول بأننا نرى صفات هذه الكائنات مازالت كما هي منذ مائة مليون عام وأنّهَا مازالت لديها القدرات نفسها تمامًا.
الأسماك الطائرة التي عاشت قديمًا وتلك التي تعيش هذه الأيام كلها لديها أجنحة، هذه الأجنحة موجودة في المكان نفسه، ولها الحجم نفسه ، والخصائص التشريحية نفسها. ماذا يعني هذا الأمر؟ يعني هذا أنّ الأسماك الطائرة ذاتها موجودة من 95 مليون عام. فقد تم التعرف على تلك الحفريات والتأكد أنّها لأسماك طائرة من خلال مقارنتها بالأسماك الطائرة الموجودة الآن. وهذا يعني أنّ هذه الأسماك منذ ذلك الوقت كان لها الخصائص نفسها، والتشريح نفسه ، وشكل الجسم نفسه، أي منذ خلقها الله، وطوال المدة التي عاشتها وصولًا إلى الفصائل الموجودة منها الآن.
لم تتطور هذه الأسماك، ولم تتحول إلى أنواع أخرى أو فصائل أخرى من الكائنات الحية، وبالنظر إلى هذا الأمر بموضوعية وبطريقة عقلانية ومنطقية، نجد أنَّ علم المتحجرات يؤكد هذه الحقيقة بوضوح شديد.