منذ بداية الألفيات، بدأ الناس في معرفة المزيد عن مشروعات المخططات السياسية الخاصة بالدولة العميقة، وأدركوا أن ما جرى تجاهله من قبل باعتباره جزءاً من نظريات المؤامرة المبتذلة، هو في حقيقة الأمر الأجندة الحقيقية وراء السياسات اليومية الواضحة.
وبعيداً عن التصور السياسي، هناك أيضاً "التصور النفسي"، الذي يعمل على إرساء الأساس الاجتماعي للخطط السياسية، أبرز هذه الوسائل هي حملات التلقين والدعاية التي تبثها وسائل الإعلام.
تظهر إحدى هذه الوسائل عبر "الفنون القبيحة"، التي تسلّلت إلى كل أشكال الفن، متضمّنة الرسم والنحت والسينما والأدب والوثائقيات.
تُصور الفنون القبيحة العديد من الرسائل القاتمة والعناصر المثيرة للاشمئزاز مثل القتل والانتحار وموضوعات العنف والعدوان والمثلية باعتبارها موضوعات طبيعية ممدوحة، على سبيل المثال، تظهر الدعاية للمثلية عبر الفنون القبيحة منذ أعمال رسّامي ونحّاتي العصور الوسطي.
كما تستخدم الفنون القبيحة موضوعات مروّعة مثل القتل والمذابح والرعب والعنف والانتحار. تظهر بعض هذه الأمثلة في لوحات "مذبحة الأبرياء" لبيتر بول روبنس، ولوحة "جوديث تذبح هولوفيرنس" لأرتيميسا جنتلسكي، و"اغتيال مارات" لجان جوزيف ويرت، و"بنات داناوس" لجون ويليام ووترهاوس والتي تظهر 50 زوجة وهن يقتلن أزواجهن، ولوحة "جريمة قتل في المنزل" لجاكوب شيكين إيدر.
في القرن العشرين، ظهرت الفنون القبيحة خاصة عبر أعمال النحّات والرسّام الفرنسي مارسيل دوشامب، تحت اسم "الفنون الحديثة". توقف تقدير الجمال ذاته عن أن يكون معياراً للفنون في المفهوم الطبيعي للفن. ومع ظهور حركات مثل الدادائية والسيريالية والدادائية الجديدة والآرت بوفيرا، دخلت مفاهيم القبح والابتذال وغيرها من المفاهيم غير الجمالية إلى الفن.
وتُعد لوحة بيكون الذاتية الرهيبة، والتي صوّر فيها ذاته تحت قناع مشوه هي إحدى هذه الأمثلة. كما أدخلت حركة الفن الهابط وأتباعها، المستندة على نهج غير جمالي، القبح والابتذال إلى الفنون المعاصرة.
في الثمانينيات، بلغت الفنون القبيحة ذروتها إبان فترة جري فيها استخدام شتى أنواع النفايات الجسدية كمواد خام لما يُدعى بالفن، مستلهماً مفهوم الفيلسوفة البلغارية جوليا كريستيفا عن الفقر المدقع.
الفن القبيح هو أحد العناصر الرئيسية في التصور النفسي، فبغض النظر عن قوة الوسائل العسكرية والسياسية، فإنها تبقى بلا قيمة إن لم تتم السيطرة على العقول. من جهة أخرى، سيكون من اليسير السيطرة على الحشود المذكورة أدناه باستخدام مختلف وسائل الهندسة المجتمعية، ومن ضمنها الفنون القبيحة:
الحشود المنهزمة الخائفة المطيعة اليائسة المتشائمة التي تفتقر إلى الإيمان بقضية أو الشعور بالانتماء، هؤلاء الناس الذين لا يملكون روابط اجتماعية من السهل استسلامهم للغزو والاستغلال دون إظهار أي نوع من المقاومة.
الكتّاب والأكاديميون والمخرجون والساسة الذين يُعانون من عقدة النقص، والذين فقدوا قيمهم الأخلاقية والروحية، هؤلاء الأشخاص الانتهازيون المطيعون الذين لا يتساءلون عن الصواب والخطأ، وينبهرون بالسلطة والثراء، من السهل تضليلهم والتلاعب بهم.
الأفراد من ذوي الشخصيات المريضة والمملة والمصابة بالفصام، الذين يجدون لذة مريضة في القتل والعنف، ذوي الشخصيات الإجرامية والسيكوباتية التي يمكن استخدامها في الاغتيالات والمذابح وأحداث الإرهاب.
وباستخدام وسائل التخطيط النفسي، تستمر الدولة العميقة في جمع الأشخاص من هذه النوعية الفاسدة، خاصة من الدول الإسلامية، لذا، يجب فضح هذه الحرب النفسية، كما أنه من الضروري تعريف الجماهير أن الفنون القبيحة ليست جزءاً من الفنون الطبيعية بل هي جزء من البرنامج الخاص، المصمّم خصيصاً لإفساد النسيج الثقافي والروحي للمجتمعات، والتشويش على أرواح الأفراد وتدمير قيمهم وإعادة بنائها من جديد على المستوى اللاواعي.
http://www.raya.com/news/pages/1019bfde-58e2-433f-981c-63a9bcf3c8b5