بدأ تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والأردن مع "معاهدة الصداقة" الموقعة في 11 يناير 1947، ومنذ ذلك الحين، واصلت الدولتان بناء روابط قوية، قائمة على المحبة والاحترام.
وقد ساهمت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعمّان في آب (أغسطس) الماضي، والزيارة اللاحقة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني لتركيا بناء على دعوة أردوغان، في تعزيز هذه العلاقات الرائعة، وكجزء من الذكرى السبعين لبناء العلاقات الدبلوماسية، شهدت هذه الزيارات مناقشات مهمة، تدارس خلالها قادة البلدين إمكانيات جديدة للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، وتحدثوا أيضا حول ما يمكن اتخاذه من خطوات مشتركة من أجل دعم الاستقرار الإقليمي والسلام.
غير أن إعلان الرئيس الأميركي ترامب المباغت، عن عزمه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتحويله السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، غيرت بشكل مفاجئ جدول أعمال الاجتماع.
وكما هو معلوم، تقوم العلاقات بين الأردن وتركيا على أساس الهدف المشترك المتمثل في تحقيق سياسات تعود بالنفع على البلدين وشعبيهما، ومن شأنها تعزيز السلام والاستقرار والأمن على الصعيد الإقليمي؛ وبالتالي فإن الحفاظ على الوضع الراهن فيما يتعلق بالقدس والأماكن المقدسة في المنطقة واعتماد حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين، كان يشكل على الدوام أحد أهم الأهداف الأساسية للبلدين، وخلال الاجتماع الأخير في تركيا، أعرب الزعيمان عن قلقهما المشترك إزاء التطورات الأخيرة المتعلقة بالقدس.
وأكد الرئيس أردوغان مجددا على أنه ينبغي تجنب أي خطوات من شأنها أن تغير الوضع القانوني للقدس، الذي وافقت عليه الأمم المتحدة مرارا وتكرارا، وقال الرئيس التركي: "فيما يتعلق بالحفاظ على الوضع القائم فيما يخص الوضع التاريخي للقدس، فإننا نشترك مع الأردن في نفس الشعور، وأي خطوة منحرفة حول وضع القدس، قد تسبب رد فعل عنيف في العالم الإسلامي، لأن للقدس مكانته الخاصة والمتميزة بالنسبة لجميع المسلمين".
من الأهمية بمكان تجنب أي قرارات أو ممارسات يمكن أن تؤدي إلى عدم الاستقرار والصراعات، خصوصا في وقت حساس مثل الذي تمر به المنطقة، فأي محاولة لتنفيذ مثل هذا القرار بمثابة صب الزيت على النار في الشرق الأوسط.
تُعتبر تركيا والأردن دولتين إقليميتين قادرتين على التغلب على هذه المشكلة من خلال بذل جهودهما السلمية وهما مثالان يحتذى بهما لباقي دول الشرق الأوسط، وإلى جانب ذلك، كلتاهما حليفتان وصديقتان للولايات المتحدة الأميركية، ومن الواضح أنهما سيتحدثان مع الرئيس ترامب ويبذلان جهودا حقيقية لإقناعه بالتراجع عن قراره، ونأمل أن يجد الشرق الأوسط السلام الذي يحتاج إليه، ويتجنب اضطرابات هو في غنى عنها، ليصبح مكانا للسلام، يمكن للجميع العيش فيه بانسجام.