إن أعين الكائنات البحرية غالبًا ما تكون كبيرة وتتجه لأعلى، مما يسمح لها برؤية الكائنات الأخرى التي تمر فوقها.
بهذه الطريقة، يمكن لها أن ترى أعداءها حين تلمح ظلًا داكنًا على خلفية الضوء الطبيعي القادم من سطح البحر.
إن سمكة البلطة تلك تعتبر مجهزة بشكل هائل ضد أعدائها في المياه المظلمة.
فهي تعيش في أعماق تتراوح بين 200 و1000 متر ولديها مهارات تخفٍ ممتازة.
عندما تنزل إلى الأعماق يصعب التعرف عليها، وذلك بفضل جسدها النحيل والمسطح.
يعمل جلدها الفضي كالمرآة ويعكس صورة الماء، فتصبح شبه مختفية كلما نزلت أكثر في الأعماق.
أما عندما تكون قريبة للسطح، تستخدم طريقة أخرى للتخفي عن أعين أعدائها. ففي الظروف العادية، يبدو كل كائن في المياه كالظل، نتيجة لأشعة الضوء التي تسقط على البحر، مما يشكل تنبيهًا للحيوانات التي ترغب في صيدها.
أما أسماك البلطة، فلديها أعضاء مضيئة يمكنها إصدار الضوء بيولوجيا. هذا العضو يمتد بطول جوف الحوض وتضيء هذه الأنوار عندما تكون السمكة قريبة للسطح.
تقوم سمكة البلطة بمعادلة ضوئها البيولوجي مع الضوء الساقط من سطح الماء، وبذلك تتجنب أن يُرى ظلها، وهكذا تصبح غير مرئية.
إنها لميزة هامة جدًا أن تكون هذه الأعضاء المضيئة في منطقة البطن، فإذا ما كانت تلك الأعضاء في منطقة الظهر لتمكن أعداؤها الذين ينظرون إليها من أعلى من رؤيتها على خلفية القاع العميق الداكن.
وكما أنه من الصعب رؤية مصباح مضاء في وضح النهار، فإن الضوء الصادر عن الكائنات المضيئة في الاتجاه الصحيح تجعل رؤيتها صعبة.
إن تلك الصفات الرائعة في سمكة البلطة تعتبر آية من آيات الخالق عز وجل، الذي أبدع الخلق.
إن سمكة البلطة تمتلك تلك الميزات منذ خلقها من ملايين السنين، فيمكننا أن نرى في الصورة حفرية لسمكة بلطة عمرها يتراوح ما بين 23-37 مليون سنة. ومن الواضح أن تلك النوعية من الأسماك لم تتغير منذ ملايين السنين.