إحدى الصفات المميزة لمجتمع الجاهلية هو أن علاقات الشخص تقوم بشكل عام على المصلحة الذاتية.
علاقات الصداقة، والزواج، والأعمال، تقوم عمومًا على المصلحة؛ إذ يُفكر أغلب الناس عادة في أنفسهم وحسب.
وعادة ما تتدنى أفكار ومشاعر الآخرين إلى المرتبة الثانية، أو يتم تجاهلها تمامًا.
لكن القيم الأخلاقية للمؤمنين الصادقين مختلفة بالكلية.
لأن إحدى الخصائص الأساسية للمؤمنين هي خلوهم من المشاعر الأنانيّة.
المؤمن الذي تمكن من التغلب على مشاعره ورغباته الدنيوية سيراعي المؤمنين الآخرين ويُعاملهم بإيثار.
عبَّر رسولنا في أحد أحاديثه عن الأسلوب الذي يجب على المؤمنين انتهاجه تجاه بعضهم البعض:
"لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"(متفق عليه).
المؤمنون الصادِقون الذين يؤْثرون الآخرين على أنفسهم ويحققون بالتالي مطلبًا من مطالب الإيمان والضمير.
إحدى أفضل الأمثلة على تلك القيم الأخلاقية السامية للعبادِ الصادقين تلك الخاصة بالّذين هاجروا، والذين آووهم.
"وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (سورة الحشر، آية 9).
لا تقتصرُ الطريقة التي يفضل بها المؤمن المؤمنين الآخرين على نفسه على توفير الوسائل المادية لهم.
فالمؤمن يضع نصب عينيه كل متطلبات المؤمنين الآخرين ويقدمها على متطلباته الخاصة.
حتى في أكثر الأوقات عسرة تجده يضع راحته ودِعَته في المرتبة الثانية بتوفير كل الوسائل المتاحة له في خدمة المؤمنين الآخرين.
وعلاوة على ذلك، لن يسمح للطرف الآخر باستشعار أي قدر من الحرج، بنفس الطريقة التي لا يستشعر بها أي صعوبة في القيام بذلك.
يقوم بفعل ما هو ضروري، ويتصرف بأرقى أسلوب ممكنٍ، بدونِ السماح للطرف الآخر بالشعور أنّّه مدين له.
واجب المسلمين الأتقياء الباغين مشاركة الفردوس معًا هو إبداء الاهتمام بالإيمان، والقيم الأخلاقية، والنقاء، والسعادة، والصحة الخاصة بإخوانهم.
ويحافظون دومًا على إبداء الاهتمام، والإيثار بتصحيح عيوب إخوانهم وتلبية متطلباتهم.