وجهة نظر:
تركستان الشّرقية
مرحبا بكم، نحن معكم مرة أخرى في برنامج "وجهة نظر". اليوم سوف نتحدث عن تركستان الشرقية. يعيش الأتراك المسلمون في تركستان الشرقية مظالم لا تكاد تنتهي منذ سنوات طويلة. ويتم اعتقال الشباب من قبل النظام الصّيني بدون سبب. أما بالنسبة إلى الذين يتهمون بمعارضته فمصيرهم التصفية بالرصاص. ويمنع على المسلمين أداء عباداتهم بصورة جماعية. ويتم كذلك نهب ممتلكاتهم المالية عن طريق ضرائب مجحفة. ويصارع الشعب من أجل البقاء على قيد الحياة في ظروف قاسية من الجوع والفقر، وفي ظل التهديد المستمر بالقتل. وهناك تعد صارخ على حقوق الإنسان في هذه المناطق التي انقطعت صلتها بالعالم الخارجي، أما الدول الغربية فهي كالعادة، لا تسمع ولا ترى ما يحدث. وبالنسبة إلينا نحن المسلمين فسوف نبقى دوما نصغي لما يكابده إخواننا في تركستان الشرقية، وسوف نواصل شرح السبل الكفيلة بوقف هذه المظالم.
وجهة نظر: ملفّ تركستان الشرقية يبدأ....
محطات برنامجنا سوف تكون على النحو التالي؛ في قسم "بطاقة هويّة" سوف نقدم معلومات مختصرة عن الموقع الجغرافي لتركستان الشرقية وطبيعتها بشكل عام، بالإضافة إلى إلقاء نظرة قصيرة على مسارها التاريخي. وفي قسم "المسار الزمني" نتحدث عن المظالم التي تُرتكب من قبل النّظام الشّيوعي في الصّين، ونتطرق إلى الحوادث التي وقعت في الصين ماضيًا وحاضرًا.
وفي قسم "تقرير حول الوضع الرّاهن" نلقي نظرة على التطورات التي حصلت في تركستان الشرقية في المراحل الأخيرة، وما عليه الوضع حاليا. كما نتحدث عن القمح المسلط على الأهالي والممارسات غير الإنسانية من قبل النظام الصيني. وفي قسم "ما وراء الستار" نجيب على سؤال مهمّ وهو: لماذا تهتم الصين بأراضي تركستان الشرقية كل هذا الاهتمام؟
وفي قسم "سُبل الحلّ" سوف نتطرّق إلى الكيّفية التي تضع حدًّا لما يعيشه المسلمون من ظلم وقمع سواء في تُركستان الشّرقية أو في أماكن أخرى في العالم
– ملخص البرنامج:
أجل، وسوف نبدأ الآن بالحديث عن الهويّة.
أمّا المنطقة التي تقع في براثِن الهيمنة الصّينية فهي تُركستان الشّرقيّة. وتركستان تعني المنطقة التي يعيش فيها الأتراك, وتضمّ المنطقة الشّرقية، وتمتدّ من بحر الخزر غربًا إلى جبال الذّهب وألطاي شرقًا, ومن جبال خراسان وقره كوروم إلى جبال الأُورال في الشّمال.
وتبلغ مساحتها 1.828.418 كم مربّع، وهي تجاور من الجَنوب الباكستان والهند وكشمير والتّبت، أمّا من جهة الجنوب الغربي فَنَجد أفغانستان، ومن الغرب تُركستان، ومن الشّمال الغربي طاجكستان وقرغيزستان وكازاخستان. أمّا من جهة الغَرب فتقعُ الصّين ومنغُوليا.
يعيش في تُركستان الشّرقية الأويغور والكازاك والقرغيز والأُوزبك والأتراك والتاتار والهويّون (مسلمو الصين) والصّينيون التّابعون لشعب الخان، والمغول والشيبيّون. ويبلغ عدد الأتراك الأويغور الذين يعيشون في تركستان الشرقيّة حوالي 35 مليون نسمة. كما أنّ أعداد الصّينيين تتزايد بسرعة.
وتقوم الحُكومة الصّينية بتشجيع الصّينيين على الاستيطان في تركستان الشرقية، فتوفّر لهم السّكن وفرص الشغل. والهدف من كل ذلك هو تحويل الأويغور الأتراك إلى أقلية في هذه المناطق، والاستيلاء على الأرض وصهر السّكان داخل النّسيج الاجتماعي في الصّين.
عاصمة المنطقة هي أُورُومْتشي، وعدد السّكان 13 مليون نسمة، وعلى إثر سياسة النّزوح اِرتفع عدد الصّينيين ليصل إلى حوالي 10 ملايين نسمة.
وتمثل الفلاحة وتربية الماشية المصدر الرّئيس لمعيشة السّكان في تركستان الشرقية. والآن لِنُلْقِ نظرةً، إذا شئتم، عبر قسم "المَسار الزّمني" على تاريخ تُركستان الشّرقية والحوادث التي وقعت خلال مَاضيها القَريب.
يرجعُ تاريخ أراضي تركستان الشّرقية إلى المائة الثانية قبل الميلاد، يعني إلى عهد الهُونِيّين والكُوكْ تُورْك. وكانت هذه المناطق هي موطن الأتراك الأصليّ. وهي أراض إسلاميّة منذ ألف عام. وعبر التّاريخ لم تَقمْ دولة أو مملكة باسم تركستان. وبالرغم من ذلك، فإن هذه الأراضي ونظرًا لاستقرار الأتراك فيها منذ عصور قديمة أطلق عليها اسم تركستان. كما عاش في هذه الأراضي على امتداد العصور الهُونِيّون والكُوكْ تُورْك والأُويغور والقَره خَانيّون والغَزْنويُّون والخَارِزْميُّون والسّلاجقة.
وفي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان دخل الأتراك في الإسلام بمحض إرادتهم، وهكذا أصبحت تركستان الشّرقيّة جزء من العالم الإسلامي. وبعد اِعتناق الخَاقان صَادق بُوغْرَا الدّين الإسلامي اُعتبر هذا العهد عهدًا ذهبيّا لتركستان الشرقية.
وفي هذه الفترة اشتهرت تركستان الشّرقية بمدارسها ومؤسساتها التّعليميّة. وقد استضافت الطلاب القادمين من جميع أرجاء العالم، كما استضافت سياسيين وعلماء غيّروا وجه التاريخ من أمثال؛ أحمد يَسوي وشاه نقشبندي والإمام التّرمذي وابن سينا وأبي نصر الفارابي والزمخشري والسكاكي. كما عاش في هذه الأرض محمود قشغرلي مؤلّف كتاب "ديوان لُغة الترك" ومؤلف "كودادغو بيليغ" يوسف خاص حاجب. وقام الأتراك الذين نزحوا من هذه المنطقة بنقل الإسلام إلى دول كثيرة من العالم. وكلّ هذا يُبرز الأهمّية التي تحملها تركستان.
وفي الفترة نفسِها عاشت تركستان الشّرقية مرحلة من الظّلم الشّديد، ففي عام 1700م وقعت تحت الاحتلال الصّيني، ونالت استقلالها لفترات قصيرة. بيد أنّ الأحداث التي مرّت بها المنطقة والعالم حالت دون أن يستمر الاستقلال بتركستان الشّرقية، ومارست الصّين سياسة تقوم على القمع والظلم في هذه البلاد. وبعد انهيار النّظام الامبراطوري في الصين، لم يقم نظام مركزيّ قويّ لمدة عشرات السّنين. غيرأنّه، وعقب وصول الحزب الشّيوعيّ إلى السلطة في عام 1949م عادت الصّين في وقت قصير جدًّا لتقع فريسة نظام يقوم على القمع، وانتهجت الثّورة الشّيوعيّة معاملةً خاليةً تمامًا من كلّ رحمة. وأول إجراء قام به الصّينيون بعد الثّورة الشّيوعية هو تغيير اسم المنطقة، وأصبح الاسم الجديد الذي ابتدعته الصّين هو "المنطقة المستقلة للأويغور بسنجان".
ثم بعد ذلك دأبت الصّين على تطبيق سياسة اِمبرياليّة على شاكلة سياسات الدّول الامبريالية، وانتهجت سياسة قاسية تجاه عقيدة الشّعب وعاداته وتقاليده وممارساته الدّينيّة. أما الدّعوات المطالبة بالاستقلال فقد وُوجهت بالعنف الشّديد. وتمّ إجلاء النّاس من أراضيهم وإسكان الصّينيّين في مكانهم. واعتبرت الحكومة الدّمويّة الصّينية تركستان الشّرقية أراضٍ تابعةً لها، ورفضت التخلّي عنها. وخاضت مواجهة قاسية مع شعب تركستان المسلم. وكانت أُولى تلك المواجهات ضدّ عقيدة المسلمين، فأغلقت جميع مدارس التّعليم الدّيني، واعتقلت رجال الدّين وقتلت الكثير منهم. وتم رفع صور ماوتسيتونغ و أعلام الحزب الشّيوعي على المساجد، وأجبرت المسلمين على الوقوف احترامًا لهذه الصّور والأعلام. وقد تمّ اعتقال الكثير من المسلمين إمّا بتهمة الانتماء التّركي أو الانتماء الإسلامي، ونُفّذ فيهم الإعدام. وفي مظهر آخر من مظاهر القمع نُفذت عمليات تهجير جماعيّة، والعديد من المسلمين الذين تم إجلاؤهم بالقوة فقدُوا حياتهم بسبب ظروف الطقس القاسية، وهذه محطّات دامية في تاريخ تركستان:
تم قتل مسلمي تُركستان الشّرقية بطرق مختلفة، ومنذ عام 1965م حتّى اليوم تم قتل 35 مليون مسلم من تركستان الشّرقية. وبالمُوازاة مع ذلك، تمّ خلال هذه الفترة العمل على صهر هويّة المسلمين والقضاء على كيانهم. ومن جانب آخر وقع إسكان الصّينيّين في مناطقهم. وهكذا مُنع المسلمون من المطالبة بحقوقهم في هذه الأرض.
أراد النّظام الماوي جعل تركستان الشّرقية إيالةً من إيالات الصّين ومن الطّرق الأخرى المستخدمة الإجبار على عمليات الإجهاض في إطار ما عرف بـ" نظام العائلة"، والآن في النّظام الماوي الأحمر يتمّ إجبار النّساء الأيغوريات على الأجهاض. بل تقول الأخبار إنّه يقع قتل الأطفال في أول ولادتهم. وتتواصل سياسة الصّين الشّيوعيّة الظّالمة وعمليات تذويب الهوية القسريّة حتى يومنا هذا.
ونواصل الحديث عن هذا الموضوع في قسم "تقرير حول الوضع الرّاهن".
تقرير حول الوضع الراهن:
سوف نبدأ ببعض المعلومات الإحصائية:
الأرض التّركستانية تقع تحت الاحتلال منذ 65 عاما... وفي عام 1955م تمّ إعلان اسمها "منطقة الحكم الذاتي لأيغور سنجان"، وبالرغم من ذلك فقدت تركستان الشرقية حكمها الذاتي من جديد من قبل الصين.
مثلما هو معلوم استولت الصّين الشّيوعية على أُورمتْشي في عام 1994م، وفي ما بين سبتمبر 1999م وسنة 2000م تم القبض على 917 شخصًا في ولاية "هوتن" بتهم "انفصالي" و "متديّن" و"إرهابيّ". وفقد 7 من بين هؤلاء المعتقلين حياتهم في السّجن بسبب التّعذيب والمرض.
وبتاريخ 8 سبتمبر 1999م صدر الأمر بجمع المصاحف والكتب الدّينية من البيوت في تركستان الشّرقية، وأُعلن أنّه سوف يتمّ اعتقال كلّ من لا ينفّذ الأمر ويسلّم ما بحوزته.
واعتبارًا من تاريخ 1 سبتمبر سنة 2002م تمّ إلغاء التّعليم باللغة الأيغورية في المدارس العليا بتركستان الشّرقية واستبدلت التّعليم باللغة الصّينيّة.
وعند النّظر إلى التّاريخ القريب نعرف أنّه في عام 2009م سقط في أُورمْتشي 3721 من إخواننا المسلمين شهداء وجُرح الآلاف. وفي عام 2009م وجهت منظمة العفو الدولية نداء إلى حكومة بيكين وطالبتها بالإعلان عن عدد الذين تم إعدامهم. بيد أنّ الحكومة الصّينية صمّت أذنيها عن هذا النّداء.
ولقيت الأحداث التي وقعت في رمضان الماضي صدًى واسعًا في وسائل الإعلام العالميّة، وصرّحت الصين أن 96 شخصًا فقد حياته في هذه الأحداث، لكن لا يُعرَف إلى أيّ مدى تعكس هذه الأرقام الحقيقة.
وعلى إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر شدّدت الصّين من ممارساتها القمعيّة بحجة محاربة الإرهاب، وقد حالت السّياسات القمعيّة دون وصول المنظمات العالمية إلى المنطقة، وهذا ما عرقل دخول المساعدات الإنسانية، وأصبح من غير الممكن تحديد ما يحصل من عبث بحقوق الإنسان على عين المكان. ومن بين مظاهر الإخلالات بالحقوق في المنطقة ما يلي:
وضعت الصين في هذه المنطقة نحو مليون عسكريّ، وأصبحت أنفاس المسلمين في تركستان الشّرقية تُحصى عليهم، ويتم تفتيش السّيارات واحدة واحدة في الطّرقات ومراقبتها بواسطة نقاط التفتيش المنتشرة في كل مكان.
وأثناء عمليّات التفتيش يتعرّض الرّجال إلى الإهانة، ويتم الاعتداء على النّساء المُسلمات، واختطاف الفتيات واغتصابهنّ و إجبارهن على ممارسة الفاحشة. كما يتمّ نقل النّساء والفتيات إلى الصّين ومنعهن من العودة، وتحرم العائلات من معرفة أيّة أخبار عن الأقارب.
يتمركز الجيش الصّيني- الذي يطلق عليه جيش التحرير الشّعبي - في كلّ مكان، فالتّحرك محدود ومراقبة الشرطة لا تتوقّف، ولا تُوجد هواتف إلاّ في قرى قليلة، وحتّى هذه الهواتف يتم التنصت عليها. ويمكن لأيّ شخص أن يقبع في السّجن لمدة سنوات بسبب شبهة فارغة.
يتمّ اعتقال المسلمين بشكل عشوائي واقتيادهم إلى مخيمات الأشغال، ويتم إعدامهم بتهم وجرائم لا أساس لها من الصحة. ويضطر إخواننا الأيغور إلى إخفاء عباداتهم لأن أداء الصلاة والصيام غير مسموح به، كما يُمنع عليهم التّعليم الدّيني.
ومن أجل الحدّ من زيادة أعداد المسلمين يتم انتهاج طرق بعيدة تمامًا عن أيّ
إنسانية، فيقع إجبار النّساء على إسقاط الحمل. ومن يكون لديه أكثر من طفل يُؤخذ منه عُنوةً.
في منطقة تركستان الشرقية يتمّ منذ عام 1985م إجراء مراقبة صارمة على الولادات وانتهاج سياسة الإجهاض، ويمنع الشّعب الأيغوري من إنجاب أكثر من طفل في المدن وأكثر من طفلين في الرّيف. ويقع تطبيق سياسة الإجهاض الجماعيّ دون اتّخاذ أية تدابير صحّية.
كان شعب الأويغور يمثّل الأغلبية، ونتيجة للسّياسة المتّبعة يراد تحويلهم إلى أقلية، والشّعب الآن في صراع ضدّ خطر الذّوبان ... وأفضل طريقة للمقاومة هي تمكين الشعب من تعليم جيّد، والحكومة الصّينية تسعى إلى منع حدوث ذلك وتغلق الباب أمام التّعليم الجيّد للشّعب؛ فهي تعمل على التقليل من أعداد الوافدين على المدارس، وخلال 30 عامًا الماضية تم تغيير الحُروف ثلاث مرات، والآن يتم التّعليم بالصينية بشكل كامل. بمعنى أنه يتم انتهاج جميع السّبل من خلال التّعليم لحرف الشّعب عن هويّته.
وفي المجال الصّحي تُوجد مأساة حقيقيّة، هو وضع كارثيّ بأتمّ معنى الكلمة، فسبب ارتفاع أسعار العلاج لا يتمكّن الشّعب من تلقّي خدمات صحّية كافية. وبسبب النّقص في الخِدْمات الطّبية يكون الموت مصير 70% من المرضى، ونسبة الوفيات لدى لدى الأطفال 20%.
ولا تقتصر المظالم الصّينية على شعب تركستان الشّرقية فحسب، بل تشمل الشّعب الصّيني والمنتمين إلى الأعراق والدّيانات والمجموعات الأخرى. بيد أنّه إزاء كلّ هذه المآسي والمظالم لا توجد أيّة منظقة أودولة تستطيع وضع حدّ لها. ولم تتمكن الأمم المتحدة من عمل أيّ شيء لكون الصّين عضوا في مجلس الأمن، كما أنّ الدّول الكبرى لم تحرك ساكنًا بسبب المصالح الاقتصاديّة.
حسنا، لماذا تصرّ الصّين على الاستحواذ على هذه الأراضي؟ بعد قليل نطّلع على الأحداث من خلال "ماوراء الستار".
إنّ تُركستان الشّرقية مهمّة جدّا بالنسبة إلى الصّين لأنها تمثل كنزًا بسبب ما تحتوي عليه من معادن وبترول وغاز طبيعيّ.
فما يُستخرج من الصّين من معادن 78% منه يتم استخراجه من أراضي تركستان الشّرقية، وهناك 148 نوعًا من المعادن يتمّ اِستخراجه من أراضي جمهورية الصّين الشّعبية 118 نوعًا منها يتمّ تحصيله من أراضي تركستان الشّرقية. ونجد من بين هذه المعادن؛ الفحم والحديد واليُورنيوم والمنغنيز والكروم والرّصاص والبريليوم واللّيثيوم والذّهب.
وفي البلاد توجد 25 منطقة تحتوي على الذّهب و7 مناطق تحتوي على الفحم و7 مناطق تحتوي على الرّصاص، و10 مناطق تحتوي على الحديد، و3 مناطق تحتوي على الأورانيوم. وبالإضافة إلى ذلك يُوجد في تركستان الشّرقية 500 موقع لاستخراج البترول و30 موقعًا لاستخراج الغاز. وحسب المصادر الرّسمية الصّينية فإنّ المخزون الذي تم اكتشافه هو ما بين 20 و 40 مليار طن، وكلّ عام يتمّ نقل ما قدره 10 ملايين طن إلى الصّين. ويعتقد أنه في صحراء طَكْلَمَكان وحدها يبلغ المخزون نحو 50 مليار طن تقريبًا. وبالنّسبة إلى المخزون الذي تمّ العثور عليه من الفحم في تركستان الشرقية والذي يبلغ 22 تريليون طن فهو يمثل نصف المخزون الصّيني كلّه. ونظرًا لاحتواء الفحم في تركستان الشرقية على نسبة قليلة من الكبريت فإنّه يعتبر نوعيّة ذات جودة عالية جدّا، وهذا يجعله ذا قيمة كبيرة للغاية.
وبالإضافة إلى كل هذا تحتوي تركستان الشّرقية على مساحات زراعيّة تمتد على 150 كلم مربّع، وهي تنتج محاصيل متنوعة مثل القمح والذّرة والشّعير والعنب والبطّيخ والتين. وتمتد الغابات التي توجد في جبال الآلهة وجبال الألطاي على مساحة 12 ألف كلم مربّع. وهي توفّر نوعًا رفيعًا من الأخشاب. هذا الثّراء الطبيعي الذي تتميز به تركستان الشّرقية يفسّر لنا السّر وراء تمسك الصّين بأراضي تركستان الشّرقية وإصرارها عليها.
حسنا ما هو السّبيل إلى خروج الأتراك الأويغور من هذه المظالم والخلاص منها؟
ذكرنا أنّ الصّين أخلّت بحقّ تركستان الشّرقية في الحكم الذاتي، ولا يوجد استقلال لتركستان الشّرقية في المجال الاقتصادي، وجميع مصادرها يتمّ نهبها من قبل الصّين والشّعب الأُيغوري يُعاني أشدّ المعاناة من الفقر والجُوع. والحال أنّه وفقا للمواثيق الدّولية على الصّين أن تلتزم بمنح تركستان الشرقية الحقّ في الحكم الذّاتي وعدم الإخلال بذلك. وفي الحقيقة لو أنّ الصّين اعترفت بالحُكم الذّاتي لتركستان الشّرقية وباستقلالها الاقتصادي فإن ذلك يعود عليها بفوائد عظيمة جدّا.
فشعب تركستان الشّرقية سوف ينتج داخل حدوده بشكل مريح، ويعيش بكامل حرّيته ويتخلّص من الخوف والقمع ... وهذا المجال الجغرافي سوف يُصبح مركزًا مهمّا
للاستثمار الصّيني. ومن الأمور الأخرى التي ينبغي على الصّين تغييرها هي عقوبة الإعدام، فعلى الصّين أن تلتحق بأوروبّا في هذا الموضوع. ومن الضروري قبل كلّ شيء رفع عقوبة الإعدام، لأنّ الإعدام ممارسة وحشيّة لا تمتّ للعصر بأيّة صلة.
إنّ الّذين يبنون سلطتهم على الخوف هم في الحقيقة يُطبّقون نظامًا بربريًّا ظالمًا. وإذا كانت الصّين تعتقد أنّها سوف تؤسّس للأمن والاستقرار بهذه الطريقة فهي ترتكب خطأ فادحًا، فهذا النّهج لا يجلب للبلاد سوى الخوف والبلاء.
والصّين باعتبارها دولة عظيمة ينبغي أن لا تتحوّل إلى امبراطورية للخوف بل امبراطورية للمحبّة وهذا هو ما يخدِم مصالحها.
الصين لا تريد للعالم أن يعرف ما يحدث في تركستان لاشرقية من مظالم، وهي تسعى إلى نسيان هذه المنطقة. ولهذا لاسبب أغلقت هذه المناطق أمام الإعلام لاعالمي وأصبح من لاغير ممكن أخذ معلومات سليمة عما يجري هناك. ومن الضروري وضع حد لهذا الوضع المتكلس، واتباع سياسة أكثر شفافيةز ويتعين تمكين المنظمات الحكومية والدولية ووسائل الإعلام العالمية من الدخول إلى هذه المنطقة المناطق والوصول إلى مصادر المعلومات الصحيحة.
من المَعروف أنّ الصّين تقوم بتجارب نوويّة في أراضي تركستان الشّرقية، وهذا الأمر لا يحتاج إلى كثير من الشّرح، والأسلحة النووية لايمكن قبولها وهي ممارسات غير إنسانيّة، وتأثيرات الأسلحة النووية على البشر والشّجر لا يمكن تخيّلها. وهذه التأثيرات المدمّرة تتجاوز حدود البلاد وتستمر عبر الأجيال.
تستمر التّجارب النّووية في الفضاء منذ سنين طويلة، ورأينا تأثير القنابل التي ألقيت على هيروشيما ونكازَاكي ... وهذه المآسي أثبتت إلى أيّ مدى لديها القدرة على إحداث تدمير واسع، ولهذا السّبب يتعيّن وضع حدّ لهذا الجُنون ليس لدى الصّين فقط بل لدى جميع الدّول التي تمتلك أسلحة نوويّةً.
من أجل وقف المظالم التي تحدث في تركستان الشّرقية هناك واجب كبير مُلقى على كاهل المسلمين، والشّيء الأكيد الذي يتعيّن علينا عمله هو تطبيق الحلّ الذي بيّنه الله تعالى لنا... فقد أمر الله تعالى المؤمنين بأن يكونُوا إخوةً مُتعاونين متوحّدين من أجل إحلال الطمأنينة في العالم أجمع.
الحلّ الوحيد لوقف المظالم التي ترتكبها الصّين، ومن أجل التّوصل إلى نتائج أكيدة وحاسمة هو تحقيق الوحدة الإسلامية... وما يتعين على جميع المُسلمين اليوم عملُه هو التأكيد على كوننا إخوة رغم اختلافنا، كما يتعيّن وضع الخلافات المذهبيّة والصّراعات الفكرية جانبًا والتوحّد سريعًا من أجل إقامة الاتّحاد الإسلامي على نحو عاجلٍ.
إذا توحّد أكثر من مليار مسلم في كتلة واحدة فإنّهم سوف يخلُقون قوّة مُؤثرة تأثيرًا عظيمًا، ولن يبقى هناك مجال لإذلال المسلمين وإهانتهم وقمعهم وإذاقتهم أنواع الظلم. بيد أنّ هذه الوحدة لا تعني أنّها سوف تكون موجّهة ضدّ طرف بعينه أو حركة للانتقام أو عنصر تهديد، بل سوف تكون مؤسِّسَةً للسّلام والأمن في العالم أجمع. وبتأسيس الاتّحاد الإسلامي سوف يعمّ النّور ليس المجتمعات الإسلامية والتّركية فقط، بل العالم كلّه.
إلى هنا نختتم حلقتنا من هذا البرنامج، وفي الأسبوع القادم سوف نكون معكم مجدّدًا في موضوع جديد مع برنامج" وجهة نظر"، نَرجو لكم أسبوعا مُمتعًا، وإلى اللّقاء.