مقياس جمال خلق الله النسبة الذهبية

1555

ما العامل المشترك بين كلٍ من أهرامات مصر ولوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي وزهرة عباد الشمس والحلزون ومخروط الصنوبر وأصابعك؟

تقع إجابة ذلك السؤال مُتخفية في سلسلة من الأرقام اكتشفها عالم الرياضيات ليوناردو فيبوناشي. الخاصية التي تُميز تلك الأرقام، المُسماة بأرقام فيبوناشي، هي أن كل رقم في السلسلة هو مجموع الرقمين السابقين له.

توجد خاصية مميزة في أرقام فيبوناشي، عند قسمة أحد أرقام السلسلة على الرقم السابق له، تحصل على أرقام متقاربة جدًا لبعضها.

وذلك الرقم ثابت بعد الثالث عشر في السلسلة ومعروف باسم "النسبة الذهبية".

 

 

المتحدث

أمثلة النسبة الذهبية التي ستشاهدها في ذلك الفيلم، والموجودة في أجسادنا وفي كل الكائنات الحية في الطبيعة، ما هي إلا أدلة على خلق الله للأشياء بقدر. يقول تعالى في القرآن الكريم:
"قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (سورة الطلاق الآية 3).

 

 

جسم الإنسان والنسبة الذهبية

 

عند قيام الفنانين والباحثين والمصممين بأبحاثهم وعند عرض منتجاتهم، فإنهم يتخذون جسم الإنسان، ونسبه المخلوقة وفقًا للنسبة الذهبية، كمقياس لهم.

استخدم كل من ليوناردو دافينشي ولي كوربيوسر تلك النسبة في تصميماتهم.

اتخذ جسم الإنسان، والموزع بنسب النسبة الذهبية، كأساسيات في النيوفرت، والنيوفرت هو أحد أهم المراجع للهندسة المعمارية الحديثة.

يمكن أن يتم وضع العلاقات النسبية المثالية المقترح وجودها في مختلف أجزاء جسم الإنسان المتوسط والتي توافق تقريبًا النسبة الذهبية في خطة عامة.

t/s = 1.618

تعادل نسبة t/s الموجودة في الجدول التالي دائمًا النسبة الذهبية.

t/s = 1.618

 

إلا أنه من الصعب أن تستخدم دائمًا مسطرة لإيجاد تلك النسبة في وجوه الناس، لأنها تنطبق فقط على الهيئة البشرية المثالية التي يُقرها العلماء والفنانون.

عندما تكون المسافة بين سرة البطن وقدمه وحدة واحدة، يكون طول الإنسان معادلًا للرقم 1.618، ذلك هو المثال الأول على النسبة الذهبية في جسم الإنسان المتوسط.

 

بعض النسب الذهبية الأخرى في جسم الإنسان المتوسط هي:

            المسافة بين أطراف الأصابع والكوع / المسافة بين المعصم والكوع.

المسافة بين خط الكتف وأعلى الرأس / طول الرأس.

المسافة بين سرة البطن وأعلى الرأس / المسافة بين خط الكتف وأعلى الرأس.

المسافة بين سرة البطن والركبة / المسافة بين الركبة وآخر القدم.

 

يد الإنسان

 

المتحدث

اقلب يدك وانظر إلى السبابة، على الأرجح أنك ستجد نسبة ذهبية هناك.

تنقسم أصابعنا إلى ثلاثة أقسام، تُعطي النسبة من أول قسمين إلى الطول الكامل للأصابع النسبة الذهبية، ذلك لا ينطبق بالطبع على إبهام اليد بمفصليه.

كما أن نسبة الإصبع الأوسط إلى الإصبع الأصغر أيضًا نسبة ذهبية.

لديك يدان، والأصابع فيهما تتكون من ثلاثة أقسام، يوجد خمسة أصابع بكل يد، ثمانية منهم فقط خُلقوا وفقًا للرقم الذهبي: 2 و3 و5 و8 هي من ضمن أرقام سلسلة فابوناشي.

 

النسبة الذهبية في وجه الإنسان

 

المتحدث

يوجد العديد من النسب الذهبية في وجه الإنسان.

على سبيل المثال، يُعطي العرض الكُلي لكلا السنتين الأماميتين في الفك العلوي إلى إرتفاعهما النسبة الذهبية.

كما يُعطي عرض السنة الأولى من المنتصف إلى السنة الثانية من المنتصف النسبة الذهبية.

 

المتحدث

تلك هي النسب المثالية التي يمكن لطبيب الأسنان أن يأخذها في الاعتبار.

بعض النسب الذهبية الأخرى في وجه الإنسان هي:

            طول الوجه / عرض الوجه.

                        المسافة بين الشفاه ومُلتقى رموش العين / طول الأنف.

                        طول الوجه / المسافة بين رأس الفك ومُلتقى رموش العين.

                        طول الفم / عرض الأنف.

                        عرض الأنف / المسافة بين الخياشيم.

                        المسافة بين حدقتي العين / المسافة بين الرموش.

 

النسبة الذهبية في الرئة

كشف الفيزيائي الأمريكي بروس وست والبروفيسور الطبي أري جولدبرج في دراسة أقيمت بين عام 1985 وعام 1987 عن وجود نسبة ذهبية في بناء الرئة.

إحدى خواص شبكة القصبات الهوائية التي تبني الرئة هي أنها غير متماثلة. على سبيل المثال، تنقسم القصبة الهوائية إلى شعبتين رئيسيتين، واحدة طويلة تقع على اليسار والأخرى قصيرة تقع على الجانب الأيمن. يستمر ذلك الانقسام اللا تماثلي إلى التقسيمات التابعة للقصبات الهوائية، تم تحديد أنه في كل تلك التقسيمات، نسبة القصبة الصغيرة إلى الطويلة دائمًا 1/1.618.

تكشف لنا كل تلك المعلومات الطبيعة الخارقة لخلق الله. ذُكر في القرآن أن الله خلق الإنسان بنسبة:
"الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)" (سورة الانفطار).

 

المستطيل الذهبي والحلزون

يُسمى المستطيل الذي تتناسب أطوال أضلاعه مع النسبة الذهبية بالمستطيل الذهبي، دعونا نختبر خواص المستطيل الذهبي سويًا:

المستطيل الذي تكون النسبة بين أضلعه 1 إلى 1.618 وحدات هو مستطيل ذهبي.

إذا رسمنا مربعًا مع الضلع الأقصر للمستطيل وقمنا برسم ربع دائرة بين ركنين من المربع.

ثم قمنا برسم مربع وربع دائرة في الجزء المتبقي، وكررنا تلك المستطيلات المتبقية في المستطيل الرئيسي.

ستحصل حينها على شكل الحلزون.

يشرح عالم الطبيعة والجمال البريطاني، ويليم كارلتون، لماذا يرى الناس الحلزون مُرض ولماذا استخدموه لآلاف السنين، مُصرحًا أننا نجد الحلزون مُرض لأننا يُمكننا تتبعه بسهولة.

تحتوي الحلزونات المبنية على النسبة الذهبية على أكثر الهياكل التي لا تُقارن الموجودة في الطبيعة.

يمكننا أن نبدأ بالسياق الحلزوني الموجود في زهرة عباد الشمس ومخروط الصنوبر كأمثلة، ما ذلك إلا مثال واحد من أمثلة كثيرة تُرينا كيف خلق الله كل شيء بكمال وبقدر.

 

بِنية الصَدفة

 

عند فحص صَدفة القوقعة، جذب انتباه العلماء البنية الداخلية والسطح الخارجي للصدف:

السطح الداخلي أملس والخارجي مُخدد، كما يجب أن يكون السطح الداخلي أملس لوجود جسم القوقعة فيه، ولدى السطح الخارجي للصدفة صلابة زائدة. كمال خلق الصَدفة مُدهش، وفكرة التصميم الحلزوني داخل الصَدفة دقيقة للغاية في هيئتها الهندسية، فهي مُصممة بغاية الدقة.

كما تنمو صَدفات معظم القواقع بشكل حلزوني لوغارتمي.

مما لا شك فيه أن تلك الحيوانات لا علم لها بأبسط الحسابات الرياضية، ناهيك عن الحلزونات اللوغارتمية.

فكيف إذًا لتلك المخلوقات أن تعلم أن تلك هي الطريقة المُثلى لنموها؟

كيف لتلك الحيوانات - التي يصفها بعض العلماء بالبدائية - أن تعلم أن تلك هي الطريقة الأمثل لتكوينها؟

من المستحيل لتلك النوعيات أن تنمو في غياب الوعي أو المنطق.

وبالرغم من ادعاء بعض العلماء ذلك، إلا أنه لا وجود للوعي في القواقع أو في الطبيعة نفسها.

من غير المنطقي أن ننسب تلك الأشياء للصُدفة.

لأن ذلك البناء يمكن فقط أن يكون نتيجة علم وعقل سامٍ.

فقد خلق الله تلك المخلوقات بكمال وتمام.

في إحدى آيات القرآن الكريم، يُبين لنا الله قدرته على كل شيء بعلمه، وكيف يتوجب على الإنسان شكر نعمة الله:

"وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ" (سورة الأنعام الآية 80).

 

وصف عالم الأحياء سير داركي تومبسون نمو تلك النوعيات بعلم الجينوم، وسير داركي هو خبير في تلك الأشياء وصرح بأنه من المستحيل تخيُل نظام أبسط من ذلك، المُعتمد على التوسُع والامتداد على التوازي مع نسبة ثابتة ومتطابقة، في خلال فترة نمو صَدفة البحر.

يمكننا أن نرى مثالًا جيدًا لذلك النوع في حيوان البحر المُسمى "نوتيلاس"، والذي يبلغ قطره بضعة سنتيمترات.

يصف كروسبي موريسون عملية النمو تلك، والتي يصعب تخطيطها بالعقل البشري، مُصرحًا أنه على طول صَدفة النوتيلاس، يمتد حلزون داخلي، مكون من عدد من الغرف مبطنة بصدف أم اللآلئ. ومع نمو الحيوان، يقوم ببناء غرفة أخرى في فم الصَدفة الحلزونية أكبر من سابقتها، وتتقدم إلى تلك المساحة الأكبر عن طريق غلق الباب خلفها بطبقة من صَدف أم اللآلئ.

تلك بعض الأسماء العلمية لبعض المخلوقات البحرية الأخرى التي لديها حلزون لوغارتمي وبها نسب نمو مختلفة في صَدفتها: هيلارتوس بارفوس، دوليم بيرديكس، موريكس، سكالاري بريتيوس.

 

النسبة الذهبية في السمع ونظام الاتزان

تَعمل القوقعة في الأذن الداخلية للإنسان على نقل الذبذبات الصوتية.

تحتوي تلك البنية العظمية، والممتلئة بالسائل على شكل حلزوني لوغارتمي بزاوية ثابتة عند 73°43´، على النسبة الذهبية.

 

القرون والأسنان التي تنمو على شكل حلزون

يمكننا أن نرى أمثلة على منحنيات مبنية على الحلزون اللوغارتمي في أنياب الفيل والماموث المنقرض ومخالب الأسد ومنقار الببغاء.

ينسج عنكبوت الإيبريا شبكته في شكل حلزون لوغارتمي.

تتكون بعض الكائنات الدقيقة من العوالق من بنية حلزونية، مثل جسم الجلوبيجارنيا والقوقعة المستوية والدوامة والتريبرا والتوريتاليا والتورشيدا.

الآمونية، والتي انقرضت وموجودة اليوم فقط على شكل حفريات، أيضًا لها صدف ينمو بشكل لوغارتمي، والأشكال الحلزونية في الحيوانات ليست مقصورة على صدف القواقع فقط، فعلى سبيل المثال، قرون حيوان مثل الظبي والماعز الجبلي والكبش كلها تنمو في شكل حلزوني مبني على النسبة الذهبية.

 

النسبة الذهبية في الحمض النووي

خُلقت جزيئات الحمض النووي - الذي تُخزن فيه كل الخواص الفيزيائية للكائنات الحية - بهيئة مبنية على النسبة الذهبية أيضًا.

يتكون الحمض النووي من حلزونين عموديين على بعضهما ومتداخلين.

يبلغ طول المنحنى في كل حلزون 34 أنجستروم والعرض 21 أنجستروم (1 أنجستروم يساوي واحد على مئة من المليون من السنتيمتر)، 21 و34 هما رقمان متتاليان في أرقام فيبوناشي.

كل تلك الأمثال أدلة مهمة على أن الكون خُلق بذكاء متعالٍ، أو يمكن القول أن الله خلق الكون وكل ما فيه من العدم.

طالب الله المؤمنين في القرآن بشكر نعمه، فيستطيع أي عاقل أن ينظر حوله ليرى الأدلة بعقله الواعي، وأن يرى كمال خلق الله، يقول تعالى في الآية:

"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)" (سورة الملك الآية 3 و4).

 

 

أوراق الشجر والنسبة الذهبية

سترى حين تنظر حولك الكثير من النباتات والأشجار مغطاة بالورق.

من الممكن أن تُفكر عند النظر عن بُعد في أن ورق الشجر وفروعه مُرتب عشوائيًا بالصدفة.

ولكن الحقيقة هي أن مكان كل فرع وترتيب الأوراق على الأفرع وحتى تماثل شكل الزهر مُرتب سلفًا بقوانين ثابتة وقياسات إعجازية.

استمرت النباتات منذ خلقتها الأولى في الالتزام بتلك القواعد حرفيًا. أو بمعنى أدق، لا يوجد وجه صُدفة في خروج النباتات أو ورق الشجر.

كم جذع للشجرة يتوجب وجوده حتى يتسنى للجذوع أن تنبت منه، وكم لدى الجذع من ورق الشجر، وترتيب الأوراق، كل ذلك مُعد سلفًا.

بالإضافة إلى ذلك، فكل نبتة لها جذوعها الفريدة وقانون ترتيب أليافها، فإن العلماء قادرون على تصنيف النباتات وفقًا لذلك الترتيب وحده.

الأمر المذهل حقًا، هو طريقة نمو شجرتي حور، إحداهما في الصين والأخرى في إنجلترا، فكلتا الشجرتان تطبقان نفس النسب وعلى دراية بنفس القوانين والنسب.

وبالطبع فإنه من المستحيل أن يكون خلق النباتات بتلك الحسابات الرياضية الدقيقة من قبيل الصدفة، خالق ذلك الجمال والدقة هو الله العالم بكل شيء. يقول تعالى في القرآن الكريم:
"الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا" (سورة الفرقان الآية 2).

 

دعونا نُحصي عدد الأوراق الموجودة في تلك النبتة التي في الوعاء، دعونا نستمر في العد حتى نحصل على ورقة أخرى بنفس المستوى.

وعند تلك المرحلة، دعونا نتذكر عدد اللفات التي قُمنا بها حول الجذع.

سنجد أن الرقمين الذين حصلنا عليهما، - رقم الورق ورقم اللفات - هما أول رقمين من سلسلة فيبوناشي.

أما إذا بدأنا العد بشكل عكسي، لحصلنا على نفس عدد الورق باختلاف عدد اللفات، يُظهر عدد اللفات في كل اتجاه وعدد الورقات المُحصى أثناء تلك العملية ثلاثة أرقام متتابعة من أرقام فيبوناشي.

 

واعتمادًا على فصيلة النبتة، تكن تلك التكوينات التسلسلية دائرية أو حلزونية، وترتيب الأوراق حتى لا تُظلل إحداها على الأخرى هي أحد أهم نتائج تلك التسلسلات الخاصة .

وتم ترتيب الأوراق حول الجذع بأرقام مُحددة وفقًا لتلك النسبة التي أسماها علماء النباتات بالاختلاف الورقي.

بُنيَ ذلك الترتيب وفقًا لحسابات غاية في التعقيد.

إذا كان "ن" هو عدد اللفات الذي نرغب في القيام به بداية من ورقة واحدة إلى أن نصل إلى ورقة أخرى في نفس المستوى، وإذا كان "ب" هو عدد الورق في اللفة، إذًا، فإن قسمة ب\ن هي الاختلاف الليفي الموجود في النباتات.

 

الاختلاف الليفي = عدد الورقات في الدورة الورقية\عدد اللفات.

القسمة المميزة لبعض النباتات كالأتي:

-        1\2 في نباتات المرج (الحشائش).

-        1\3 في نباتات المستنقعات.

-        2\5 في شجر الفاكهة (التفاح مثلًا).

-        3\8 في فصائل الموز.

-        5\13 في النباتات البصلية.

 

إن الطريقة التي تعي بها كل شجرة من نفس الفصيلة نسبتها وامتثالها للنسب المحددة لها أمر إعجاز، على سبيل المثال، كيف لشجرة الموز أن تعرف بتلك النسبة وكيف لها - بغض النظر عن موقعها على سطح الأرض - أن تتماشى مع تلك النسب؟

وفقًا لتلك الحسابات، عند البداية من عند أية ورقة وعمل ثمان لفات حول جذع شجرة الموز، فإنك تحصل على ورقة أخرى في نفس المستوى وفي نفس الوقت تحصل على ثلاثة ورقات في تلك الدائرة.

تلك النسبة لا تتغير أبدًا أينما ذهبت حول العالم، من جنوب أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية.

وجود نسبة ترتيب الورقات دليل على أن الموجودات الحية لم تُخلق عبثًا، وإنما خُلقن ببناء غاية في التعقيد.

إنه الله تعالى خالق تلك النسب في البنية الجينية للكائنات الحية وخالقهن بتلك المعلومات.

كما أن المعجزات الرقمية التي نشهدها في النباتات لا تتوقف عند ذلك.

وبالرغم أن جذوع الشجر التي نراها حولنا تبدو مرتبة بعشوائية للوهلة الأولى، إلا أنها مُرتبة وفقًا لخطة معقدة وحسابات رياضية دقيقة.

 

حدد علماء النباتات أرقام النسبة الذهبية الموجودة في تفريعات النبتة النامية.

يمكننا أخذ نبتة عود العطاس كمثال، دعونا ننظر إلى العلاقة بين التفريع والنسبة الذهبية في النبتة.

يخرج فرع جديد من كل برعم مع نمو النبتة، ويخرج فرع أجدد من ذلك الفرع الجديد. إذا كان عدد الفروع في المستوى الأفقي معدود، ستكون أرقام فيبوناشي مرئية.

أرقام فيبوناشي مفتاح مهم لفهم الحسابات الدقيقة والترتيبات في النباتات.

إن ذلك يرينا الترتيب والجمال الموجود في الورق والأزهار المرتبة وفقًا لمتسلسلة فيبوناشي.

حقيقة النباتات مكونة وفقًا لمعادلات رياضية معينة، هي أهم إثبات أنها خُلقت بإتقان.

كما تظهر القياسات والتوازنات الحساسة في ذرات النباتات وحمضها النووي في مظهرها الخارجي.

تضم الدلائل الأخرى على مخلوقات تستخدم النسبة الذهبية كبعض الأزهار والبذور والفواكه، كما أن زهرة عباد الشمس أحد أدق الأمثلة على تلك المسألة.

فإذا قطفت زهرة عباد شمس لاختبارها، ستجد بذورها مرتبة بشكل حلزوني.

ستجد عند القيام بعدّ كل البذور في اللفات الحلزونية من اليمين إلى اليسار، عددين متتابعين من سلسلة فيبوناشي.

وتلك الخاصية ليست محدودة لزهرة عباد الشمس فقط.

في أوراق النباتات ذات البذور الكثيفة مثل الكرنب، يتكون أيضًا شكل حلزوني من اليمين أو اليسار حول نقطة مركزية كما في زهرة عباد الشمس.

مستويات مخروط البابونج والصنوبر موضوعة بشكل حلزوني من اليمين واليسار.

عند قيامنا بعدّهم واحدًا واحدًا، سنحصل مرة أخرى على أرقام مبنية على سلسلة فيبوناشي، أو بمعنى آخر، على النسبة الذهبية.

 

تلك الأرقام في حلزونيات النباتات هي:

- 5\8 و8\13 في مخروط الصنوبر.

- 8\13 في الأناناس.

- 21\34 في الزهيرات الوسطى لزهرة الربيع.

- 21\34 و34\55 و55\89 في عباد الشمس.

 

يمكننا أن نجد دلائل خلق الله الدقيق في تلك القياسات الدقيقة النظامية، كما ذكرها الله تعالى في القرآن في الآيات:
"وَهُوَالَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ  أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٩٩﴾" (سورة الأنعام الآية 99).

 

النسبة الذهبية في العالم المجهري

 

لا تقتصر الأشكال الهندسية على المثلثات والمربعات والخماسيات والسداسيات، بينما يمكن لتلك الأشكال أن تجتمع سويًا بطرق مختلفة وتُنتج أشكالًا هندسية جديدة ثلاثية الأبعاد.

أول الأمثلة التي يُمكن ذكرها المُكعب والهرم. بالإضافة إلى ذلك، توجد أجسام ثلاثية الأبعاد مثل المجسم الرباعي والمجسم الثماني ومجسم الاثني عشر والمجسم ذي العشرين وجه والمكعب، وربما لم نحتك بتلك المجسمات في حياتنا اليومية ولم نسمع بتلك الأسماء من قبل من الأساس.

يتكون مجسم الاثني عشر من اثني عشر وجه خماسي الزوايا والأضلاع، والمجسم ذو العشرون وجه يتكون من عشرون وجه مثلثي.

اكتشف العلماء أن تلك المجسمات يمكنها رياضيًا أن تتحول بين بعضها البعض، وأن ذلك التحول يأخذ مكانًا بنسب مرتبطة بالنسبة الذهبية.

الأجسام ثلاثية الأبعاد المتطابقة مع النسبة الذهبية كثيرة الانتشار في الكائنات الدقيقة.

لدى الكثير من الفيروسات شكل مجسم ذو عشرون وجهًا، أشهرهم فيروس الغدة.

يحتوي الغلاف البروتيني لفيروس الغدة على 252 فرعًا بروتينيًا، وضعت كلها بانتظام.

يأخذ الاثنا عشر فرعًا الموجودين في زوايا المجسم ذي العشرين وجه هيئة محددات قياس خماسية، بنيتها كالقضيب الناتئ من الزوايا.

وكان أرون كلج ودونالد كاسبر في الخمسينات هما أول اثنين يكتشفان أن الفيروسات تأخذ شكلًا يحتوي على النسبة الذهبية، وهما من كلية بريكبيك في لندن.

وكان أول فيروس يطبق عليه ذلك هو فيروس شلل الأطفال، وكان فيروس الرينو 14 بنفس شكل فيروس شلل الأطفال.

 

لماذا تأخذ الفيروسات أشكالًا مبنية على النسبة الذهبية، وأشكالًا يصعب علينا حتى رؤيتها؟

يشرح أرون كلج مكتشف تلك الأشكال ذلك:

"أثبتنا أنا وزميلي دونالد كاسبر أن تصميم تلك الفيروسات يمكن شرحها عن طريق تعميم سيمترية المجسم ذي الاثني عشر وجه، والذي يسمح للوحدات المتشابهة بأن ترتبط ببعضها البعض في شبه تعادل مع قياس صغير لمرونة داخلية. لقد عددنا كل التصميمات الممكنة، والتي بها تطابقات مع القباب الجيوديسية والمصممة من قبل المعماري ر.بكمنستر فوللر، غير أن قباب فوللر يجب أن تُركب وفقًا لشفرة مفصلة بوضوح، وتصميم الفيروس يسمح لها ببناء نفسها".

تُظهر تفصيلات كلج مرة أخرى حقائق واضحة.

هناك تخطيط حساس وبنية ممتازة حتى في الفيروسات، يعتبرها العلماء "أحد أبسط وأصغر الموجودات الحية".

تُعد تلك البنيات من قبل كلج أكثر نجاحًا وتفوقًا من تصميمات بكمينستر فوللر، أحد أبرز المعماريين في العالم.

 

يظهر أيضًا المجسم الاثنا عشري والعشريني في هياكل السيليكا من الراديولاريا، وهي كائن بحري أحادي الخلية.

تصنع البنايات المبنية على الشكلين الهندسيين، مثل المجسم ذي الاثني عشر وجه مع هيكل شبيه بالقدم بارز من كل زاوية والتشكيلات المختلفة على أسطحها، الأجسام المتنوعة الجميلة للراديولاريا.

 

النسبة الذهبية في رقاقات الثلج

تتجلى النسبة الذهبية في التركيبات البلورية.

معظم تلك التركيبات دقيقة جدًا في بنيتها ولا ترى بالعين المجردة.

إلا أننا يمكن أن نرى النسبة الذهبية في رقاقات الثلج.

إن النتوءات والاختلافات الطويلة والقصيرة التي تتألف منها رقائق الثلج، كلها تخصع للنسبة الذهبية.

 

النسبة الذهبية في الفيزياء

 

ستصطدم بسلسلة فابوناشي وبالنسبة الذهبية في المجالات التي تقع تحت دائرة الفيزياء.

عند سقوط الضوء على سطحين زجاجيين متلامسين، يخترق جزء من الضوء الأسطح، ويُمتص جزء آخر، والباقي ينعكس. ما يحدث هو انعكاس مزدوج. تعتمد عدد المسارات التي يأخذها الشعاع داخل الزجاج قبل أن ينفذ مرة أخرى، على عدد الانعكاسات التي تعرض لها الشعاع. نستنتج من ذلك، أننا عندما نحدد عدد الأشعة التي تنفذ مرة أخرى، نجد أنها تنسجم مع أرقام فيبوناشي.

 

النسبة الذهبية من صنع الله

حقيقة وجود عدد كبير من الكائنات الحية وغير الحية غير المتصلة ببعضها في التركيب الطبيعي - ولكن تكوينها يعتمد على معادلات حسابية محددة - هي أحد اهم الإثباتات الواضحة أنها خُلقت خصيصًا.

النسبة الذهبية معروفة كقانون جمالي يستخدمه ويطبقه الفنانون.

والأعمال الفنية المبنية على تلك النسب تُمثل امتيازًا جماليًا.

 والنباتات والمجرات والكائنات الدقيقة والبلورات والكائنات الحية المخلوقة وفقًا لذلك القانون والتي يُقلدها الفنانون، كلها دليل على عظمة وبديع صنع الله.

يكشف الله في القرآن الكريم أنه خلق كل شيء بقدر.

يقول تعالى: "قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (سورة الطلاق الآية 3).

"وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ" (سورة الرعد الآية 8).


يشارك
logo
logo
logo
logo
logo
التحميلات