فلنتفحص ورقة شجر انتزعت من أي غصن تحت المجهر. سوف يكشف هذا الفحص عن روعة وكمال خلق الله سبحانه وتعالى.
إن تركيب تلك الورقة يمكن تشبيهه بالأدوات التي نستخدمها في حياتنا اليومية.
عندما نكبر تفاصيل الورقة أكثر، يمكننا أن نرى مصنع غذاء آلي، به أنابيب في حالة نشاط مستمر، وغرف أنشئت لأغراض معينة، وعمال ينتقلون من مكان إلى آخر بلا توقف.
تنتشر شبكة من الأنابيب عبر كافة أجزاء النبات لنقل المواد الخام لكي تصل إلى وحدات التصنيع، كما تسمح أيضًا بتوزيع المنتج الصادر من وحدات التصنيع على باقي أنسجة النبات.
ترفع تلك الشبكة من الأنابيب المياه من التربة، كما تنقل أيضا العصارة المنتجة في الأوراق إلى الأجزاء الداخلية لتغذية الشجرة كلها.
بالإضافة إلى نقل السوائل الحيوية، تعمل تلك الشبكة أيضا كهيكل داعم للشجرة والأوراق
إن هذه هي روعة الخلق، فحتى المنشآت التي يبنيها الإنسان، يقوم فيها بتصميم هيكل من الأعمدة والكمرات لتحمل الأوزان، وهو نظام منفصل تماما عن نظام توصيل المياه للمبنى.
بينما في النبات، يؤدي هيكل واحد الوظيفتين معا.
لذلك، فإن كل ورقة شجر هي تكوين رائع.
إذا ما قمنا بتكبير حجم ورقة النبات التي يبلغ سمكها بضعة مليمترات لتصبح في حجم المصنع، لكي نتمكن من التجوال بداخلها، لأدهشنا ما نراه.
لنأخذ ورقة بقدونس صغيرة كمثال.
كنا سنرى فيها خط أنابيب متطور ينتشر في كل جزء منها، بالإضافة إلى أكثر من عشرين آلية لإنتاج وتخزين المواد الكيماوية.
كنا سنرى محطات طاقة تقوم بتحويل الطاقة الشمسية إلى سكر في عمل دؤوب، بالإضافة إلى ألواح شمسية لبدء هذه العملية ومراكز للتهوية تقابلنا في كل مكان.
بالإضافة إلى كل ذلك، كنا سنجد أيضا أنظمة أمن واتصالات قوية ومراكز كيميائية عملاقة، لم يكتشف العلم دورها الحقيقي حتى الآن.
من الواضح للعيان أن هذا النظام والعاملين فيه والخامات المستخدمة والمنتجات هي من عمل عقل مدبر متفوق في علمه.
ولكن النباتات ليس لها جهاز عصبي مركزي ولا عقل يتحكم فيها.
لذلك، فإن كل جزء من النبات يتطور بشكل مستقل عن الأجزاء الأخرى، وبالرغم من هذا، فإن كل المكونات والأنسجة تظهر تناغما وتعاونا مذهلين.
حتى الآن، ليس من الواضح تماما كيف تتواصل أجزاء الخلية وكيف تنشئ أنسجة مختلفة.
كما أن سلسلة الأوامر التي تصدر أثناء تكوين تلك الأنسجة لا تزال من الأمور الغامضة.