مرحبا أعزائي المشاهدين
أنا دملا بامير
وأنا أمْره أجار
دملا بامير: نحن معكم مرّة أخرى إن شاء الله في برنامج " الإسلام دين الجمال". وفي حلقتنا لهذا الأسبوع سوف نتناول مواضيع الدّيمقراطية وحرّية التعبير والعدالة، وهي مواضيع تحدثت عنها الآيات القرآنيّة والأحاديث النبوية، كما سوف نتحدث عن مفهوم التّسامح المطلوب مع أهل الكتاب وبقية أصحاب العقائد الأخرى.
أمره أجار: اليوم أهم مطلب للجميع مهما اختلفت أفكارهم وأعراقهم وأديانهم هو مطلب الحرّية، فالحرية نعمة من نعم الله العظيمة التي وهبنا إيّاها، وهي التي تمنح حياة الإنسان قيمة وترتفع بشأنه. حرية الفكر والتّعبير حقّ إنساني لا يتمّ تحقيق مفهوم الديمقراطية إلاّ به. ومهما كان الشّعب الذي ينتمي إليه الشّخص، ومهما كان عرقه ودينه فإن حقّ الحرية في التفكير والتعبير من أهم الحقوق الإنسانيّة، ومن أجل أن نقول إنّ الأفراد في المجتمع أحرار لابدّ لهم أن يتمتّعوا بشكل كامل بحريّة التّفكير والتّعبير والضّمير، والأشخاص الذين في مجتمع ديمقراطيّ بمعنى الكلمة يتمتّعون بهذه الحرّية بالفعل.
دملا بامير: إن الناّس بطبيعة خلقتهم يبحثون عن مناخ تُحترم فيه الدّيمقراطية ويُحترم فيه الفكر، وفي مقدّمة الحقوق التي يطالب بها الإنسان حق الحرّية، وعندما يُحرم النّاس منها تراهم يضجّون خائفين، وتتحوّل البيئة التي يعيشون فيها إلى مكان ينعدم فيه الأمن. ولن يكون الإنسان سعيدًا وسليما ومُنتجا إلاّ إذا تمكّن من التعبير عن نفسه بحرية. وعندما تتعرض حريته إلى أيّ تضييق فإن اِطمئنانه وسروره وفرحته وقدرته على العمل والإنتاج، كل ذلك يُصاب بانتكاسة كذلك. إنّ سلامة كلّ مجتمع تبدأ بتوفير الدّيمقراطية، والدّيمقراطية تجلب للمجتمع المحبّة والاحترام والتّسامح والوحدة والأخوّة. كما أنّها توفّر للناس العدالة الاجتماعية والمساواة والحقوق والحريات، وهي تؤمّن حياةً طبيعية ثريّة وتزيد من جودة المعيشة.
أمرة أجار: بعض النّاس الذين لا يعرفون الأخلاق الدينية، وخصوصا الذين لا يعرفون الإسلام، ويستمدّون معلومات عنه من مصادر مغلوطة تكوّنت لديهم أحكام مُسبقة كثيرة وقناعات خاطئة عن الدّين.
يُوجد أناس كثيرون يعتقدون- رغم عدم صحة هذا التفكير - أنّ الإسلام يفسد عليهم حياتهم ويعرقل حريّتهم، وانطلت عليهم الخديعة بكون الإسلام يجعل أفكارهم تحت الحصار ويحدّ من مجال الفنون والعلوم. والسّبب في انتشار هذه القناعات عن الدّين هي ممارسات الجماعات المتعصّبة، فهؤلاء الأشخاص في الحقيقة لا يعيشون كما أمر الدّين بالشّفقة والرّحمة واحترام الفكر والأخلاق الطيبة. وبالرّغم من ذلك يُظهرون أنفسهم بكونهم "متديّنين". وبسبب هؤلاء الأشخاص فهِم الملايين من البشر الإسلام فهما خاطئًا فظنّوا -ونحن ننزه ديننا عن ذلك- أنّ الإسلام يمنع الحُقوق ويحدّ من الحرّيات، ويرفض العلوم والفنون، ويحاصر التّفكير. والحقيقة أنّ الإسلام يمنح الإنسان حرّية التفكير والتّعبير، ويصونُ جميع حقوق الإنسان، والعديد من الآيات القرآنيّة توضّح هذه الحقيقة. يقول الله تعالى في الآية رقم 256 من سورة البقرة " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ".
دملا بامير: وفي آية أخرى بيّن الله تعالى أنّه لا ينبغي إجبار الناس على اتباع الدّين بالقوة.
قال تعالى: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكّر لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر" (سورة الغاشية، 21-22). فالله تعالى يريد للناس الخير والرّاحة والسّعادة والسّرور، فالله تعالى لا يظلمُ أحدا من عباده، وقد بيّن عن طريق الكتب التي أرسلها والأنبياء الذين بعثهم إلى الإنسانية جمعاء سُبل الدّيمقراطية وحرّية الفكر واحترام جميع أشكال التّفكير.
أمرة أجار: إنّ الذي علّم الإنسانية معنى الدّيمقراطية هو الله تعالى، ومنذ آدم عليه السلام إلى اليوم كان الأنبياء المعبّرون الحقيقيّون عن معاني الحرّية واحترام الآراء والأفكار. وعند ذكر كلمة الدّيمقراطية يتبادر إلى الذّهن معاني الحرّية والعدالة والمواطنة والإحساس بالأمن والاحترام وعدم محاسبة المرء بسبب أفكاره، وهذه المعاني كامنة في أصل الأخلاق الدّينية. وقد عرفت الإنسانية هذه المفاهيم عبر التّاريخ بواسطة الدّيانات السماوية، وأفضل تطبيقاتها كانت في الفترات التي طبقت فيها الأخلاق الدينية تطبيقا صحيحا.
دملا بامير: لقد رأينا أجمل نماذج المفاهيم الأخلاقية مُطبقة لدى الأنبياء مُمثّلة في التسامح والعدالة والمحبّة والاحترام والأمانة والتّضحية، وهذه المفاهيم كلها موجودة في أهم معاني الديمقراطية وهي الحرّية. ولهذا الاعتبار يمكننا القول بأن الديمقراطية كامنة في أصل الدين ذاته. فالدّين، مثلما هو في الديمقراطية يوفر مناخا يسمح لجميع الناس بأن يعيشوا الحرية ويعبروا بكل حرية عن أفكارهم في جوّ من السّلام الكامل. والدّين يمنع كل أشكال الإكراه. فكل شخص له الحق في أن يعرض فكره بكل حرية، وأن لا يتعرض لأيّ إكراه بسبب أفكاره. وينبغي ألاّ يتعرض أحد للظلم بسبب تفكيره، كما يُمنع الحطّ من شأن أصحاب الإيديولوجيات والآراء المخالفة. والأمر نفسه في الديمقراطية، فهي تحترم هذه التعاليم الدّينية، كما أنها تسعى لضمان حرية الشخص وراحته النفسية وسعادته وأمنه.
أمره أجار: إنّ المبدأ الأساس في الديمقراطية هو تحقيق العدالة الاجتماعية بمعناها الحقيقي، وهذا المبدأ لا يمكن تحقيقه إلا في بيئة تطبّق فيها الأخلاق الدينية. إنّ البشرية تعلّمت العدالة الاجتماعية من سيّدنا إبراهيم وسيّدنا نوح عليهما السّلام. وحسب المصادر الدّينية فإنّ نوح عليه السّلام عندما رست السّفينة على البرّ بعد الطّوفان خلط ما بقي عنده من القليل من الحمص والعدس والعنب والتّين والبُرغل وصنع منها طعام "العاشورة"، ثم أكل من هذا الطعام كلّ من كان على متن السّفينة. هذه هي العدالة الاجتماعية في أبهى تجلّياتها. فنوح عليه السّلام يُعلّم الجميع معاني المساواة والتعاون والإكرام، ويُذكّر النّاس بضرورة إطعام الطعام وأهمّية ذلك.
دملا بامير: ويذكر لنا القرآن الكريم مشهدا آخر لسيّدنا إبراهيم عليه السّلام، فعندما جاء الضّيوف ذبح لهم على الفور عجلاً وطبخه وأكرمهم. أعوذُ بالله من الشّيطان الرجيم "وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلنَا إِبْرَاهِيمَ بِالبُشْرَى قَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ". (سورة هود،69).
يورد الله تعالى في الآية نموذج إبراهيم عليه السّلام، وكيف أكرم أناسًا لا يعرفهم البتّة، فأخبرنا أنّ الإكرام بالطّعام من الأخلاق الفاضلة.
أمره أجار: ومن المبادئ الأخرى للدّيمقراطية مفهوم العدالة الاجتماعية، وقد تمّ توضيحه كذلك في القرآن الكريم، فالله تعالى في آيات قرآنية كثيرة أمر بالعدل، وفي هذه الآية يأمر المؤمنين بأن يكونوا عادلين "...إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَالله أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا" (سورة النساء،135).
فالمصدر الحقيقي للدّيمقراطية ولحرّية التّعبير هو الإسلام. ومن المهمّ جدّا التذكير بموقف النّبيّ عليه الصلاة والسّلام في العدالة والرّحمة من خلال الأوامر التي وجّهها للمُسلمين فيما بينهم، أو مع الآخرين من مختلف الأديان واللّغات والأعراق والأقوام. كما أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ومثلما أمر القرآن الكريم، عامل الجميع على قدم المُساواة دون تمييز بين غني وفقير، وعبر عمليًّا تعبيرًا رائعًا عن معنى الدّيمقراطية.
يخاطب الله تعالى رسوله في إحدى الآيات بقوله: "سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين" (سورة المائدة،42).
دملا بامير: النّبي عليه الصّلاة والسّلام امتثل لحكم هذه الآية، وحتّى مع النّاس الألدّاء اِلتزم بأمر الله، ولم يتنازل قطّ عن معنى العدالة.
يقول الله تعالى آمر بالعدل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "قُلْ أَمَرَ رَبّي بِالقِسْطِ " (سورة الأعراف،29). إنّ الإسلام الذي أرسله الله تعالى بيّن للناس كيف تكون الحياة الأكثر اِطمئنانا والأكثر سعادة والأكثر أمنًا والأفضل جودة، والأكثر راحةً، والأكثر متعةً، وكلّ إنسان يدرك بعقله وضميره وجود الله تعالى ووحدانيّته فيؤمن به ثم يعيش أخلاق الدين. فالدين يتم قبوله طوعًا، ولا يُجبر المرءُ أو يُكره على اعتناق الدّين.
أمره أجار: كل مُسلم مُطالب بأن يبيّن للنّاس كيف تكون الأخلاق الإسلامية، ويدعوهم للخير وينهاهم عن الشر، لكن هذا لا يعني أن يُكره الآخرين على التّفكير مثلما يفكّر والعيش مثلما يعيش هو والتّعامل بنفس طريقته واللّباس مثله. فالمُسلم يبيّن الحقّ ويترك الحرّية للآخرين للاختيار. هذا ما بينه الله تعالى بقوله: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" [سورة البقرة،256]. ولقد اِلتزم النّبيّ عليه الصّلاة والسلام بهذه الآية فشرح أخلاق الإسلام للجميع وترك لهم حرّية اختيار ما يشاؤون.
دملا بامير: إن فترة نبّوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، شأنها شأن بقية الأنبياء شهدت مواقف كثيرة تمثل نماذج حية لمفهوم الدّيمقراطية. وفي المجال الجغرافي الذي عاش فيه النّبي عليه الصلاة والسلام كان يعيش أناسٌ كثيرون من أديان ولغات وأعراق مُختلفة.
إنّ اجتماع هؤلاء جميعًا وعيشهم معًا في أمن وسلام وطمأنينة، والحيلولة دون حدوث الفتنة بينهم عمليّة في غاية الصّعوبة، فانطلاقا من أصغر كلمة أو موقف كان يُمكن أن تشتعل شرارة الفتنة فتعتدي أقوام على أقوام أخرى. بيد أنّ رسول الله عليه الصّلاة والسلام بفضل حكمه بالعدل وتطبيقه للدّيمقراطية، مثّل لهؤلاء الأقوام مصدرًا للطمأنينة والأمان. وفي فترة النبوّة الأولى تمّ التّعامل مع جميع الذين كانوا في الجزيرة العربية، مسيحيين ويهود ووثنيّين بالعدل دون تفريق بينهم.
أمره أجار: مثلما هو معروف فالنبي صلى الله عليه وسلم عقد معاهدة مع أهل نجران من المسيحيّين جنوب الجزيرة العربية، وهذا الاتفاق يكشف لنا أنّ الديمقراطية الموجودة في الدّين الإسلامي هي المصدر الحقيقي لحرّية التفكير والعقيدة. وقد جاء في إحدى مواد هذه المعاهدة ما يلي "مِنْ محُمَد النّبيّ للأُسْقُف أَبِي الحَارِث وأَسَاقِفَةِ نَجْرَان وَكَهَنَتِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ وَكُلّ مَا تَحْتَ أَيدِيهِم مِنْ قَلِيل وَكَثِيرٍ جِوَارُ اللهِ وَرَسًولِهِ، لاَ يُغيَّر أسقف من أُسْقفَته، وَلاَ رَاهِب مِنْ رَهْبَانِيّتِه، وَلاَ كاَهِن منْ كَهَانَتِه،ولا يُغيَّر حقّ منْ حُقُوقِهِمْ ولا سُلطَانهم، وَلاَ مَا كَانُوا عَليْه مِنْ ذَلِكَ، جِوارُ اللهِ وَرَسُولِه أبدًا مَا أَصْلَحُوا وَنَصَحُوا عَلَيهِم غَير مُبْتَلِين بِظُلم وَلاَ ظَالِمِينَ" (ابن كثير، السّيرة النبويّة، 4/106).
دملا بامير: إنّ وثيقة المدينة التي وقّعها النّبي عليه الصلاة والسلام مع المسيحيّين واليهود والمشركين من أجمل الأمثلة على مفهوم الدّيمقراطية في الإسلام، فبفضل هذه الوثيقة التي تضمن تطبيق العدالة مع الأقوام المختلفين ورعاية مصالح كلّ جماعة من هذه الجماعات، حلّ السّلام والأمن محلّ الحروب التي ظلت مُشتعلة بينهم لمدة سنين طويلة. ومن أبرز معالم وثيقة المدينة ضمان حرّية العقيدة. وتقول المادّة التي تتحدّث عن هذا الموضوع:
"
وَأَنَّ يَهُودَ بَنِي عَوْف أُمَّة معَ المُؤْمِنِينَ، لِليَهُودِ دِينُهُم وَلِلْمُسْلِمِينَ دِينُهُمْ" (محمد حميد الله، مدخل إلى مؤسسات الإسلام، نشريات دشنجة، اسطنبول، 1981، ص.128).
أمره أجار: جاء في المادة الــ16 من وثيقة المدينة ما يلي: "وَإِنّهُ مَنْ تَبِعَنَا مِنْ يَهُودَ فَإِنّ لَهُ النّصْرَ وَالْأُسْوَةَ غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مُتَنَاصَرِينَ عَلَيْهِمْ". (ابن كثير، البداية، الجزء الثالث، ص. 224-225؛ حميد الله، الوثائق، رقم.1، ص.39 -44).
بعد النّبي عليه الصّلاة والسّلام جاء الصّحابة وظلّوا أوفياء للأحكام التي وردت في المعاهدة التي عقدها مع أهل الكتاب، ونلاحظ أنهم طبّقوا هذه الأحكام مع أصحاب العقائد البربريّة، والبوذيّة والبرهميّة وما شابهها.
كلّ هذه الشّواهد تبيّن لنا أن الإسلام دين يضمن حريّة التّعبير والتّفكير، ويُحافظ على الإنسان وعلى حقوق الإنسان، ويعترف بحقيقة الحرّية الإنسانيّة. ومثلما كان في عصر النبوّة الأول، فاليوم كذلك لكلّ إنسان الحق في أن يعيش حسب معتقداته. فمن يُريد أن يؤدّي عبادته في جامع أو في كنيسة أو في معبد فله الحق في ذلك. وللإنسان الحرية كذلك أن لا يؤمن بأيّ شيء.
دملا بامير: لقد تعامل الإسلام مع اليهود والنّصارى الذين سمّاهم القرآن "أهل الكتاب" وكذلك مع بقية النّاس أصحاب العقائد الوثنيّة بمنتهى العدل والرّحمة. والمسلمون يعتبرون أنّ كل إنسان، مهما كان دينه وعِرقه وأصله مظهرًا من مظاهر عظمة الله في هذا العالم، وهم يشعرون إزاءهم بمشاعر عميقة من المحبّة والشفقة.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم، أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم " لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا
إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (سورة الممتحنة، 8).
كل مسلم يُريد أن يطبّق تعاليم دينه بكل حرّية، ويؤدّي عباداته بحرّية كذلك، وهو بالمقدار نفسه يرُيد للآخرين من أصحاب العقائد المختلفة أن يعيشوا حسب عقائدهم، بل ويُساعدهم على ذلك. أمّا الأشياء التي لا تتناسب مع القرآن والإسلام من الأفكار والعقائد الخاطئة فيجادلهم فيها بالعلم والفكر عن طريق الأدلّة.
أمره أجار: لا شكّ أنّ المسلم لا يُمكن أن يُغمض عينيه عن الانحطاط الأخلاقي وعن الظلم، لكنه يُقابل السّيئة بالحسنة، وهو يبيّن الحقّ بالصبر والكلمة الطيبة، والتّواضع والمحبّة والاحترام.
دملا بامير: ما يريده الله تعالى منّا هو أن يعيش النّاس أحرارًا في تفكيرهم، بمعنى أن يشعرُوا معنا بالرّاحة النفسية واليُسر والسّعادة، وأن لا نؤذي أحدًا، وأن نوفّر للجميع بيئة مليئةً بالحرّية والسّعادة، هذه هي الدّيمقراطية الحقيقيّة.
أمره أجار: إنّ بلادنا وجميع دول العالم والبشرية كلها لها الحقّ في أن تعيش ديمقراطية حقيقيّة، وعندما نسعى لتحقيق ديمقراطيّة حقيقية نكون قد انسجمنا مع الإسلام، فالإسلام والديمقراطيّة الحقيقيّة يصبّان في أهداف واحدة.
إن معاني الحرّية والمحبّة والسّلام والأخوّة والخير والتّعاون والصّداقة والصّدق ومحبة الآخرين والعلم والفنّ والجمال كلّها معانٍ إسلامية، وعند نشرها في العالم تُصبح الحياة أطيب ما تكون إن شاء الله تعالى. وغاية المسلمين أن يحملوا جمال هذا الإسلام وينشروه بالطّريقة التي أمر بها الله تعالى، وكذلك تطبيق الأخلاق الدّينية كما أمر الله بها، وتبليغها على النّحو الذي يريده هو. وعندما يعيش النّاس بالشّكل الذي أمر الله تعالى به فسوف يتحقّق معنى الدّيمقراطية الذي يتشوّف إليه العالم منذ مئات السّنين.
دملا بامير: يعيش العالم الآن في كل ناحية منه أهوال الحروب والعنف والعمليات الإرهابية والفقر والظلم. بيد أن هذه المرحلة العسيرة على وشك أن تنتهي، وقد بشّرنا نبيّنا عليه الصّلاة والسلام أنّه بعد مرحلة الظّلم الأعمى التي تأتي في آخر الزّمان، سوف تحلّ مرحلة أخرى طيّبة. وقد أخْبرت الأحاديث النبويّة أنّه في آخر الزّمان سوف يتم حلّ جميع المشاكل، وسوف تسود الأرض الأخلاق الطيّبة والدّيمقراطية والعدالة الاجتماعية، وسوف تبدأ مرحلة يعيش فيها النّاس جميعًا في جوّ من الأمن والإخاء والطّمأنينة.
ومفهوم الدّيمقراطية الذي تحدّثنا عنه القائم على الأخوّة والمحبّة والصّداقة والتّسامح والسّلام، سوف يسود العالم في أقرب وقت، وسوف نعيش معًا سعادةَ الإيمان ولذّته وبركته معًا.
ما يشهده العالم من مظالم وفظائع وأيّام صعبة سوف تنتهي عندما تسود الأخلاق الإسلاميّة العالَم كله، وسوف يدخل العالم مرحلة جديدةً تمامًا يملؤها النّور إن شاء الله تعالى.
أمره أجار: عندما تسود العالمَ الأخلاقُ الإسلاميّةُ فإن مظاهر الكراهية والعداوة والظلم سوف تختفي ويحل محلها التفاهم والمحبة والشفقة والعدل. وبإذن الله، سوف تشهد البشرية جميعا جمالا وبركة وطمأنينة وأمنًا لم تر مثله من قبل أبدًا.
دملا بامير: نحن نعرف أن هذه الأيام المباركة قريبة جدا، وفي انتظار قدوم هذه البشرى، علينا أن نرجو من الله لكي ينشر الأخلاق الإسلامية؛ ولتحقيق ذلك علينا أن نَدعُوَ من ناحية ونبذل قصارى جهدنا دون كلل من ناحية أُخرى.
أمره أجار: أحبّائي المشاهدين، إلى هنا نصل إلى نهاية حلقتنا لهذا الأسبوع، وفي انتظار أن نلقاكم في الأسبوع القادم نستودعكم الله.