أهلا ومرحبا بكم في برنامج وجهة نظر
نعرض لكم حلقة جديدة من البرنامج
إن مشكلة اللاجئين من الموضوعات التى يتناولها العالم بصورة مستمرة، وفي الفترة الأخيرة تناول الإعلام العالمي مشكلة اللاجئين السوريين بصورة متكررة، ولكن مشكلة اللاجئين ليست خاصة بالسوريين فحسب، فبسبب الصراعات الحالية في المناطق المختلفة من العالم صار الملايين من البشر لاجئين.
حسنا، ولكن كيف يعيش هؤلاء البشر الذين أضحوا بعيدًا عن أوطانهم وأحبابهم ومحرومين من جميع ممتلكاتهم؟ وهل المخيمات التي أُعدّت لهم كافية لحلّ مشكلتهم؟ لماذا تتهرب دول الاتحاد الأوربي من تحمل مسئوليّة اللاجئين ؟ لماذا لا تهتم بعض دول العالم الإسلامي بهذه المشكلة ؟ ستجدون الجواب على كل هذه الأسئلة في هذه الحلقة من البرنامج.
وجهة نظر: ويبدأُ ملف اللاّجئين
في "المقدّمة" سوف نقدم معلومات عامة عن اللاجئين، وفي "الخلفيّة التّاريخية" سنشرح حركات الهجرة الكبيرة التي حدثت في الماضي، أما في "تقرير الوضع الراهن" فسنبيّن وضع اللاجئين السوريين واللاجئين في العالم بصورة عامة، وفي النهاية وتحت عنوان"ما وراء الستار" سنتناول وجهة النظر الأمريكية والسّلوك غير الصحيح المتبع تجاه اللاّجئين القادمين من الشرق الأوسط، وعند تقديم كل هذه المعلومات سنذكركم باستمرار بما يتعين عمله وفقًا لوجهة نظر القرآن الكريم.
مخلص البرنامج
· المقدمة
· الخلفية التاريخية
· تقرير الوضع الحالي
· ما خلف الستار
· العوامل المتعلقة به
· المقدمة
نعم، نبدأ برنامجنا بالقسم الخاص بالمقدمة، في هذه المقدمة سنتناول وسنرى على من يطلق مصطلح “لاجئ" و "مهاجر"، وسنقدم معلومات عامة عن اللاجئين في العالم.
من اللاجئ؟:
نظرة عامة على اللاجئين في العالم:
من هو اللاجئ ؟
طبقا لاتفاقية جنوة لعام 1951م “اللاجئ“ هو الشخص الموجود خارج محل ميلاده ونشأته الذي يشعر بالخوف من التعرض للظلم لأسباب عرقية أو دينية أو بسبب آراء سياسية تخص المجتمع الذي يعيش فيه، ولا يتمتع بحماية بلده بسبب هذا الخوف، ويمكن تصنيف اللاجئين طبقا لأسباب تركهم بلادهم، على سبيل المثال:
· الهاربون من الظّلم
· القادمون طواعية
· الهاربون من الصّراعات في الدول
· الذين تركوا مناطقهم التى يعيشون فيها بسبب اِنتهاكات حُقوق الإنسان
اللّجوء وضع له مكانة خاصة في القانون الدّولي خاضع لمعايير محدّدة، وهناك مفاهيم أخرى خاصة بالأشخاص الذين فرّوا من بلادهم للأسباب نفسها، وحتى نعرف الفرق بين هذه المفاهيم علينا النّظر في تعريفها.
اللاجئ: هو من قدم طلبا باللّجوء، ولكن ما زال طلبه باللجوء في مرحلة الاستفسار والتقصي من قبل الدّولة التى سافر إليها، أي أن اللجوء وضع عابر ومؤقت، وعلى سبيل المثال فتركيا توفر للاجئين حماية مؤقتة؛ ولهذا السبب فإنها تطبق سياسة الحدود المفتوحة وتوفر له الحماية، وتوفر الأمن و المساعدات الإنسانية. أما القادمون فهم ليسو لاجئين، فهم يستطيعون الإقامة في المخيمات التى أعدّت لهم قدر ما يشاؤون حتى يستقر الوضع في بلادهم، وهذه المخيمات تحت إدارة تركيا وليست تحت إدارة المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة. أما المفهوم الآخر فهو المهاجر، والمهاجــر: هو من هجر بلده طواعية لأسباب اقتصادية في أغلب الأحيان واستقر في دولة أخرى، فإذا كانت إقامته في البلد التي هاجر إليها بإذن وعلم هذه الدولة فهو مهاجر، أمّا إذا كانت إقامته بدون إذن الدّولة التى هاجر إليها فهو "مهاجر غير شرعيّ".
نظرة عامة على اللاجئين في العالم
هناك ملايين من البشر الذين تقدّموا بطلب اللجؤء إلى دول أجنبية وتركوا منازلهم وأصدقائهم وكل ما جمعوه طيلة حياتهم خلفهم واضطروا إلى الهروب من بلدانهم، وطبقا لتقرير المفوضية العليا للاّجئين التابعة للأمم المتحدة الذي أعلنته في جنوه في نهاية 2012 فإنّ عدد اللاجئين في العالم بلغ عام 2012م 45.2 مليون لاجئ. وبلغ عدد من تركوا منازلهم في عام 2012 فقط 7.6 مليون نسمة، وأغلبهم قد ترك بلده بسبب الحروب. ويتكون خمسة وخمسون في المائة منهم من الهاربين من خمس دول بسبب الحروب الدّاخلية، هي أفغانستان والصّومال والعراق وسوريا والسّودان.
وبالنسبة إلى الدّول التي قُدمت إليها طلبات اللّجوء من الهاربين أو المَنفيّين على مستوى العالم تأتي باكستان في المرتبة الأولى و وإيران في المرتبة الثانية بينما تحتل ألمانيا المرتبة الثالثة على مستوى العالم بحوالي 590 ألف لاجئ، أمّا تركيا فتحتل المرتبة العاشرة في هذا الشّأن.
في سنة 2011 تم الاحتفال بمرور ستين عامًا على اِتفاقية جنوة التى عُقدت سنة 1951م بخصوص اللاجئين، ولقد زاد عدد اللاجئين بسرعة في العشر سنوات الأخيرة على مستوى العالم بسبب الصراعات وأشكال الظلم الواقعة في العديد من الدول، فإلى جانب 3.5 مليون إنسان اضطروا لترك بلدانهم فقد وصل عدد الذين تركوا بلداهم مُجبرين سنة 2011 إلى 4.3 مليون إنسان.
وبهذا الشّكل فإنّ عدد الذين تركوا منازلهم وأوطانهم قد وصل إلى 15.2 مليون، ووصل عدد اللاّجئين إلى ( 895000)، والذين هاجروا من بلادهم إلى 26.4 مليون نسمة. فيكون المجموع 42.5 مليون نسمة، وبالإضافة إلى هذا فطبقا للإحصائيّات الرّسمية في العالم، فقد بلغ عدد الذين لا وطن لهم إلى 3.5 مليون نسمة. وطبقا لتخمين المفوضيّة العليا للاّجئين بالأمم المتحدة فإنّ عددهم يبلغ 12 مليونًا.
وطبقا لما أعلنته المنظمة العالمية للهجرة في الذّكرى الثالثة عشر في 18 ديسمبر فإنّه في سنة 2013 م مات 2360 مهاجرًا أثناء محاولة عبور الحُدود ، ويُعتقد أنّ عدد القتلى الذين لم يتم تسجيلهم يفوق هذا العدد بكثير. وفي كلّ يوم تضع الدول عراقيل جديدة أمام المُهاجرين على الحُدود. وزيادة عدد الوفيّات على الحدود سببه هذه الاجراءات، فالدّول التى وضعت على حُدودها أسلاكا شائكةً وشيّدت الجُدران تُجبر المُهاجرين على القيام بمحاولات أكثر خطورةً على حياتهم.
فهذه الإجراءات التى اتخذتها الدّول للتحكم في الهجرة غير الشّرعية تظل مؤثرة على اللاّجئين الذين اضطروا إلى الهروب من بلادهم لأسباب مثل الحرب والصراعات الداخلية والظلم وانتهاك حقوق الإنسان، ومن ذلك على سبيل المثال العملية التي تمّت ضدّ المهاجرين الشرعيين في مياه إيطاليا، والمركب الذي تم الاستيلاء عليه في اليونان والذي يحمل مهاجرين غير شرعييين.
وفي القسم التّالي من البرنامج سوف نواصل في عرض الخلفية التّاريخية لهذا الموضوع.
الخلفيّة التاريخيّة:
تحت هذا العنوان سنشرح "أهم حركات الهجرة في الماضي"، وعلاقة الأنصار بالمهاجرين في التاريخ الإسلامي والنموذج الأمثل في التعامل مع الآخر، وسوف نتحدث عن القوانين والاتفاقيات والمؤسسات التى ظهرت لحل مشكلة اللاجئين.
· أهم حركات الهجرة في الماضي
· علاقة الأنصار بالمهاجرين
· ظهور القوانين والاتفاقيات والمؤسسات
أهم حركات الهجرة الماضي:
طوال التّاريخ ابتعد ملايين البشر عن أوطانهم برغبتهم أو رغمًا عنهم للهُروب من الظّلم الذي عاشوه، ولنلقي نظرة مختصرة على أهم حركات الهجرة هذه:
· 300000 يهودي تم إخراجهم من أسبانيا في القرن الخامس عشر الميلادي:
في التّاريخ يوجد الكثير من البشر أو المُجتمعات التى اضطرت للهجرة بسبب الدّين أو الأصول العرقيّة، ففي نهاية القرن الخامس عشر تم إخراج ثلاثمائة ألف يهوديّ من أسبانيا في فترة محاكم التّفتيش، ومات بعضهم في الطّرق، ولقد لجأ أغلبهم إلى الدّولة العثمانيّة.
· الرّوس الذين تركوا الاتحاد السّوفيتي بعد الثّورة سنة 1917 م:
لقد ظهرت مشكلة اللاّجئين في نهاية القّرن التّاسع عشر بعدما حدّدت حدود الدول. بعد ثورة 1917م ترك ما يزيد على مليون شخص الاتّحاد السوفيتى وتوزّعوا على مختلف بلدان العالم.
· الجمهوريون الذين فرّوا من أسبانيا أثناء الحرب الأهلية بين سنتي 1936م- 1939م:
إنّ الجمهويّين الذين فرّوا من أسبانيا أثناء الحرب الأهلية بين سنتي 1936- 1939م قد لجأوا إلى فرنسا والاتّحاد السّوفيتي.
- لقد ظهر القسم الأكبر من حركات اللاّجئين بسبب تقسيم حدود البلاد.
· في سنة 1947م بعد تقسيم الهند إلى دولتين مستقلّتين هما الهند وباكستان انتقل خمسة ملايين من الهندوس والسّيخ إلى الهند وانتقل خمسة ملايين مسلم إلى باكستان.
· لما تمّ تقسيم فلسطين عام 1948م وتأسّست دولة إسرائيل ترك الفسلطينيّون أرضهم وهجرُوها في شكل مجموعات.
· بعد خمسينات القرن العشرين ظهرت في أفريقيا دُولٌ مستقلة واضظر آلاف الأفارقة إلى ترك أوطانهم والعيش لاجئين في دول أخرى.
· بعد ثمانينات القرن العشرين دخل جيش الاتّحاد السّوفيتي أفغانستان فانتقل 2 مليون أفغاني إلى باكستان.
· قي سنة 1989م جاءت إلى تركيا مجموعات كبيرة من التّرك الذين كانوا يعيشون في بلغاريا.
علاقة الأنصار بالمهاجرين
ما هو السّلوك الواجب اِتّباعه تجاه الشّخص الذي اضطر إلى ترك وطنه بسبب ظروف صعبة وترك كلّ متطلّبات حياته خلفه واضطر للهروب إلى دولة أجنبيّة ؟
إن أجمل نموذج لهذا السّلوك هو العلاقة بين المهاجرين والأنصار، فقد أطلق اِسم "المهاجرين" على من اضطروا إلى الهجرة من مكة إلى المدينة، وأطلق على مسلمي المدينة الذين ساعدوهم اسم "الأنصار"، وهناك آيات في القرآن الكريم تشير إلى هذا المجتمع، فأهل المدينة الذين أطلق عليهم في التّاريخ الإسلامي اسم "الأنصار" قد دعوا المُسلمين الذين يتعرّضون للظلم في مكة للانتقال إلى المدينة، وتقاسموا معهم أرضهم وديارهم، ووضعوا في حسبانهم أنّهم قد يتعرضون لهجوم العدو بسبب دعوتهم لهم، حتّى إنهم كانوا يتسابقون لاستضافتهم في بيوتهم، وفي النهاية اضطروا للاقتراع فيما بينهم.
ويجب علينا إظهار التّضحية والاخلاق الحسنة التى أظهرها الأنصار مع المهاجرين الذين ظُلموا واضطروا إلى الهروب من بلادهم، لأنّ أخلاق الإسلام تفرض علينا هذا الأمر.
يقول المولى عزّ وجلّ في القرآن الكريم: "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا " ( النساء ، آية 75)
ولقد فتحت تركيا أبوابها لكلّ اللاجئين دون النّظر إلى أية مصلحة ، وإن توفير الأمان لهم وسدّ احتياجاتهم وإنفاق مصادرها المادية في هذا العمل الخيري منبعه الإسلام وأخلاقه، ومع الأسف فإننا لا نرى بقيّة الدّول الإسلامية تقوم بهذا الجُهد بصفة عامة، بينما تتزايد باستمرار أعداد اللاّجئين السّوريون القادمين إلى تُركيا.
وأهم سبب لهذا الأمر هو اِختلاف المذاهب، فبسبب الانقسام النّابع من عدم التحلي بأخلاق الإسلام بصورة كاملة يتجاهل المسلمون المظالم التي يعاني منها إخوانهم في الدين ولا يقبلون تقديم العون لهم لأنّهم يتبعون مذهبًا آخر غير مذهبهم، فالعراق ينجر إلى حرب طائفية .
ومن جانب آخر ترتسم صورة خاطئة عن اللاّجئين، فبعضهم يظن أنّ اللاجئين القادمين سيكونون عبئًا على بلادهم وسيستنزفون ثرواتهم المادية ، رغم أن هذا الأمر مخالف تماما لأحكام القرآن الكريم.
ظهور القوانين والاتّفاقيات والمؤسسات المتعلقة باللاجئين:
تظهر العديد من المشكلات المتعلقة باللاجئين في الوقت الحالي لعدم رعاية أخلاق الإسلام رعاية تامة. إنّ تلك المشكلات تتعلق بالعديد من الشعوب، ولهذا تدخلت المنظمات الدولية لتساعد اللاّجئين ولتيسر عليهم التّوائم والتوافق مع الدّول التى لجأوا إليها، وأولى هذه المنظمات "جمعية الأمم "، ففي سنة 1921م عين الكاشف النرويجي ورجل الدّولة الدكتور فريدتوف نانسن لرئاسة منظمة اللاجئين، وتمكن اللاجئون من القيام برحلات دولية من خلال جواز سفر " نناسن " (جواز سفر نانسن) الذي تعطية جمعية الأمم إلى اللاجئين .
ومن المنظمات الدّولية المهتمة بموضوع اللاّجئين منظمة الأمم المتحدة، فعقب الحرب العالمية الثانية أسّست المفوضيّة العالية للاجئين التابعة للأمم المتحدة سنة 1951م، ودخل من ضمن اهتماماتها الأشخاص الذين تم استبعادهم من أوطانهم بسبب العرق والدين والجنسية والآراء السياسية.
وتوفر المفوضية العليا للاّجئين الحماية السياسية والدّستورية للاّجئين في الفترة من خروجهم من أوطانهم حتى حصولهم على الإقامة في الدولة التى لجئوا إليها، وتكون المفوضية على اتّصال مع حكومات الدّول التى استقر فيها اللاّجئون وتدافع عن حقوق اللاّجئين المختلفة مثل الاستفادة من إمكانيات العمل والتعليم واستخراج الهوية ووثائق السفر وحقوق التقاضي في المحاكم وغيرها.
بالنّسبة إلى اللاّجئيين الفلسطنيين في الشرق الأوسط فإلى جانب المفوضيّة العليا للاّجئين التّابعة للأمم المتحدة يهتم بهم أيضا مؤسسة خاصة لدعم اللاجئين الفلسطنيين وهي أيضا تابعة للأمم المتحدة، وهي إدارة دعم اللاّجئين الفلسطنيين في الأمم المتحدة. ولقد تأسّست عام 1949م لمساعدة اللاّجئين الفلسطنيين الذين ظلوا بلا وطن بعد تأسيس دولة إسرائيل.
وتقوم هذه الإدارة أيضا بدعم اللاجئين الفلسطينيّين الذين يعيشون داخل وخارج المخيمات وذلك عن طريق افتتاح المدارس والعيادات الطبية وتعليم المهن والدّعم بالطّعام والشّراب.
واليوم، إلى جانب المنظمات الدولية توجد منظمات أخرى محلية متطوعة تعمل على مساعدة اللاجئين من أجل توفير ظروف إنسانية مناسبة لحياتهم.
في بداية البرنامج كنا قدمنا معلومات عامة بخصوص اللاّجئين، وفي القسم الموالي نواصل الحديث مُعتمدين على معطيات حاليّة.
تقرير الوضع الرّاهن
في تقرير الوضع الراهن سوف نقدم معلومات تفصيليّة عن وضع اللاّجئين السّوريّين وغيرهم.
· اللاّجؤون السّوريين
· اللاّجئون الآخرون
اللاجئون السوريون:
في البداية نتحدث عن اللاّجئين السّوريّين، فطبقا لتخيمانات الأمم المتحدة في شهر ديسمبر سنة 2013م ظهرت الحاجة إلى تقديم الدّعم الإنساني إلى أكثر من مليوني سوري تركوا منازلهم بسبب الصراع الداخلي، والآن يوجد 97 في المائة من اللاّجئين السّوريين في الدول المجاورة مثل لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، وأوضحت المفوضية العليا للاّجئين في الأمم المتحدة أنه قد تم تسجيل أو جاري تسجيل عدد من اللاّجئين يبلغ عددهم حوالي 600.000 سوري في تركيا و700.000 سوري في الأردن ومليون سوري في لبنان و200.000 سوري في العراق و70.000 سوري في مصر، ولكن يعتقد أن الذين فرّوا من سوريا أكثر من هذا العدد بكثير.
في سنة 2014م أعلنت المفوضية العليا للاّجئين بالأمم المتحدة عن عدد اللاجئين الذين سيتم قبولهم في الدّول الغربية ، وإذا ما نظرنا إلى الجدول سنرى أنّه قد وضعت أعداد رمزية غير كافية على الإطلاق في الوقت الذي يعاني فيه ملايين البشر الذين تركو أوطانهم من الجوع والعطش.
ما هو العدد الذي تستقبله كل دولة من اللاّجئين السّوريّين ؟ | |
ألمانيا | 11.000 |
الولايات المتحدة الأمريكية | 2.000 |
السويد | 1.200 |
النرويج | 1.000 |
انجلترا | 500 |
فرنسا | 500 |
المجر | 10 |
بولونيا | 4 |
أوضحت الأمم المتحدة أن هناك تسعة ملايين سوريّ على وشك الموت إذا لم يقدّم لهم الدّعم الإنساني في فترة قصيرة، ولكن المناطق الواقعة تحت الحصار لا يُسمح فيها بدخول العلاج والغذاء. ويعيش الآن في سوريا حوالي خمسة ملايين تحت خطر الموت جوعا، ولا يستطيعون الوصول إلى مياه شرب صحية، مثل أولئك الموجودين في مخيم اللاّجئين في اليرموك في الشام، فهم لا يجدون شيئا يأكلونه منذ شهور. ولقد وصل عدد الموتي بسبب الجوع في مخيم اليرموك الخاص باللاّجئين الواقع تحت حصار قوى النظام منذ سنة إلى 100 شخص.
في الأراضي السورية يوجد 4.300.000 ينهشهم الجوع والبرد والأمراض المعدية، وهناك 1.200.000 طفل اضظروا إلى اللجوء خارج سوريا.
الكهرباء مقطوعة منذ شهور وعمليات الأطفال الصغار المصابين في القذف تتم في الظلام على ضوء الهاتف وكلهم بدون مسكن أو مأوى ، ولقد مات منذ بداية الحرب حتى اليوم 120.000 شخص.
إنّ فاليرا أموس مساعد الأمين العام المسئول عن الشؤون الإنسانية بالأمم المتّحدة ومدير المواقف الحرجة قد اعترف قائلا: إن الأمم المتحدة غير قادرة في المنطقة " فلم يتم التمكّن من الوصول إلى 250.000 شخص يعيشون في المنطقة المحاصرة، وهناك 2.500.000 شخص يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها ويمكن توصيل عدد قليل من المُساعدات ".
اللاجئون الآخرون :
لقد ذكرنا فيما سبق القسم الخاص باللاجئين السوريين فحسب، والآن نطالع معا ما هو الوضع في باقي بقاع الأرض، وطبقا لتقرير منظمة اللاّجئين بالأمم المتحدة فإن عدد البشر الذين اضطروا للهجرة من أماكنهم قد وصل إلى أرقام عالية جدا.
وطبقا للتقرير فقد وصل عدد الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم في النصف الأول من عام 2012 إلى 5.900.000 شخص، وفي نهاية هذا العام وصل العدد إلى 7.600.000 شخص، وأكبر عدد يأتي من سُوريا.
وطبقا للتقرير النصف السنوي لعام 2013 الخاص بمفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة فقد حدثت زيادة حادة في بعض المجالات:
كان من ضمن هذه الساحات زيادة في عدد اللاجئين، ففي النصف الأول من عام 2013 م وصل عدد اللاّجئين إلى 1.5 مليون، ولكنه طوال عام 2012 كان 1.1 مليون.
وهناك موضوع آخر، فإنّ أعداد البشر الذين اضطروا للخروج من بلادهم كان عددهم 4 مليون، وقد وصل إلى 6.5 مليون في 2012م
إلى جانب ذلك هناك 450.000 شخص طلبوا حقّ اللجوء، وهذا الرقم يساوي الرقم الموجود في العام الماضي.
ولقد صنف التقرير أسوء فترة من ناحية اللجوء في العصر الحديث، وهي النصف الأول من عام 2013 ، ولقد وصل عدد الذين أبعدوا عن ديارهم في نهاية 2012 إلى 45.2 مليون نسمة، وهذا الرّقم أكبر الأرقام التى ظهرت منذ بداية التّسعينيات.
في سنة 2012م زاد عدد اللاّجئين البالغ 11.1 مليون نسمة ما قدره 600.000 نسمة.
وفي الدول التى تهتم بها مفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة وصل عدد الذين أبعدوا من ديارهم
في نهاية 2012م من 17.7 مليون إلى 20,8 مليون نسمة.
ومن جانب آخر فإنّه خلال الستّة أشهر الأولى من عام 2013 م تم تسكين 33,700 في الدّولة الثالثة، وتمّ تسكين 189.300 في بلادهم، وفي الدّول المُجاورة لبلادهم. وقد رجع 688.000 إلى منازلهم .
أما وحدة إحصائيات مركز فلسطين فقد نشرت تقريرا في اليوم العالمي للاّجئيين في 20 يونيو، وطبقا لهذا التقرير فإنّه يعيش في وضع اللاّجئين 5.3 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وغزة والقدس والدول المجاورة اعتبارًا من يناير سنة 2013م ، وطبقا لسجلاّت منظمة تعاون اللاّجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة فيوجد 17 % في الضّفة الغربية و24% في غزة .
إلى جانب هذا ذُكر في التّقرير أنه في سنة 1948م التى تأسست فيها إسرائيل أجبر نحو 957 ألف، أي ما يعادل 66% من السّكان على الهجرة وذكرت بالمأساة المحزنة .
وبالرغم من أن هذه الزيادة الكبيرة في عدد اللاجئين تحتاج إلى دعم إنساني كبير فإن الولايات المتحدة الأمريكية تنتهج سياسة اللامبالاة وكأن شيئا لم يكن، والآن لنعرض عليكم السّبب في سلوك الولايات المتحدة بهذا الشّكل حيال اللاجئين في قسم "ما وراء السّتار".
ما وراء الستار
تتمثل العناوين الكبرى في هذا القسم كما يلي:
· لماذا لا ترغب أمريكا في قبول اللاّجئين
· اتفاقية إعادة القبول
· سياسة الردّ
لماذ لا ترغب أمريكا في قبول اللاّجئين؟
أعدت منظمة العفو الدّولية تقريرًا يتعلّق بالسياسة التى اتبعتها أوروبّا في موضوع اللاّجئين السّوريّين، وفي هذا التقرير أعلن سليل شتّي السّكرتير العام لمنظمة العفو الدّولية ما يلي: "لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في عمل ما يجب عليها حيال توفير ملجئ آمن للاّجئين، ويجب عليهم أن يحنوا رؤوسهم من الخجل أمام كلّ رؤوساء أوربا المهتمين بالأمر، يجب على الاتّحاد الأوربي أن يفتح حدوده ويحقق ممرًّا آمنا لهم وعليهم أن يوثقوا انتهاكات حقوق الإنسان، هذا الأمر محزنٌ للغاية".
هناك عشرات الآلاف يسعون للحصول على الأمن والحماية في أوروبا خرجوا في رحلات صعبة بالطرق البحرية أو البرّية وعرّضوا حياتهم للخطر. وطبقا لبحوث منظمة العفو يجب عليهم عبور الحواجز الأوربية الكبرى، وأغلبهم يتم صدهم بالقوة من قبل الشّرطة وخفر السّواحل، أو يتم القبض عليهم لأسابيع في ظروف مؤلمة. وفي كل عام يموت آلاف الأشخاص أثناء محاولة عبور البحر الأبيض، في شهر أكتوبر غرقت ثلاثة سفن قادمة من شمال أفريقيا إلى أوربا عند محاولة عبور البحر الأبيض. ويعتقد أن عدد القتلى من اللاّجئين والمهاجرين قد بلغ 650 شخصا.
وفي الشهور العشرة الأولى من هذه السنة وصل إلى سواحل إيطاليا ما يزيد على 10.000 من اللاّجئين السّوريين. وتُطبق عمليّة الردّ والإعادة على اللاّجئين الذين يسعون لدخول أوروبّا بالسّفن، وقد تكون هذه العمليات غير إنسانيّة بالمرّة .
وعلى سبيل المثال فطبقا لما ورد في التقرير على لسان لاجئ عن الموظفين اليُونانيين " لقد جعلوا كل الرّجال في السفينة يرقدون على وجوهم وداسوا علينا بأقدامهم وظلّوا يضربوننا بأسلحتهم ثلاثة ساعات متواصلة، وبعد ذلك في حوالي الساعة العاشرة صباحا وضعونا في قارب بلاستيكي بعدما نزعوا منه المحرّك وأخذونا إلى المياه التركيّة وتركونا هناك ".
وطبقا للتقرير فإنّ جميع دول أوربا قد استقبلت نحو 12.000 لاجئ، وفتحت أبوابها لـ 0.5 % من اللاجئيين السّوريين الذين يبلغ عددهم 2.3 مليون، والأمر المثير في هذا الأمر أنه عند طرح الـ 10.000 الذين أعطتهم ألمانيا حق اللجوء من هذا العدد يكون العدد الذي استقبلته 27 دولة تابعة للاتحاد الأوربي 2340 لاجئا فقط.
وفي التقرير الذي أعدته منظمة العفو الأوربية " أوربّا القلعة الكبري: أخجلها اللاّجئ السّوري"، وردت أجزاء صادمة فيه كما يلي: " خصصت فرنسا حصة قدرها 500 للاّجئين السّوريين، كما خصّصت أسبانيا حق اللجوء لثلاثين لاجئ فلسطينيّ، أما الـ18 المتبقية التابعة للاتّحاد الأوربي بما في ذلك بريطانيا وإيطاليا فلم تقبل حق اللجوء لأحد. وحتى هذا اليوم وصل إلى أوروبا 55.000 لاجئ ونجحوا في تقديم طلبات اللّجوء، ولكن هذا الرّقم يعادل 2.4 % من عدد اللاّجئين الجملي.
وهناك نقد آخر ورد في تقرير منظمة العفو الدولية وهو أنّ الاتحاد الأوربي أخذ جائزة نوبل للسلام رغم انتهاكات حقوق الانسان التى قام بها تجاه اللاجئين في أوروبا، ومن خلال السياسات التي يتم تطبيقها على الحدود.
ولقد أوضح تيوربجُورن جاكلند رئيس لجنة نوبل أن الاتحاد الأوربي يستحق جائزة نوبل بسبب مساهماته في حقوق الانسان والدّيموقراطية والسّلام خلال ستين عاما.
ومن الواضح أن أوروبا التى تدافع عن حقوق الإنسان والسلام والديموقراطية تتجنب توفير الفرصة في الحياة الحرة والآمنة لهؤلاء البشر الذين لم يجدوا الحق في العيش في بلادهم ، ولماذا يكون الاتحاد الأوربي عديم الإحساس بهذا الشكل أماه هذه المآسي الإنسانية ؟ ولماذا يدير ظهره للبشر الذين جاوا طلبا للّجوء من أجل العيش ، لماذا يخافون؟
إن أهم سبب في زيادة هذا الخوف هو عدم وجود الإسلام بالصّورة الحقيقية في العديد من دول الشرق الأوسط ، فالدين الإسلامي في الحقيقة سيريح المجتمعات الأوربية، وهو يتضمن مفهومًا متطورًا للغاية في موضوع الدّيموقراطية والحريات ، ولكن بعض الجماعات التى تطبق الإسلام بمفهوم متعصب متشدّد بعيد عن روح الإسلام قدموا الإسلام على أنّه دين متعصب متشدد يعارض الجمال والفن.
ولهذا السّبب يعتقد البعض أنّ الإسلام منع الحرّيات وحرم الفنون مثل المُوسيقى والنّحت والرّسم والمسرح، ويمنع أسلوب العيش بطريقة ديموقراطيّة، ولهذا هناك تعارض بين أوروبا التى ترى نفسها قائدة في الفن والديموقراطية وبين هذا المفهوم الخاطئ للإسلام الذي قُدّم إليهم، و هذا الأمر يزيد من خوفهم من الإسلام.
إن إزالة هذه المخاوف بيد المسلمين، ويجب على المسلمين التخلي عن التعصّب والتشدّد الذي ليس من الإسلام في شيء، وعليهم أن يعيشوا روح الإسلام. وبذلك يمكننا أن نكسر الصورة المرسومة خطأ عن الإسلام في أوروبا. فإذا ما صار المسلمون متطورين مثقفين ذوي قيمة عالية ومتعلمين يعطون أهمّية للجمال والفن فسوف يزول الخوف الذي تشعر به أوروبا.
لكن على أية حال، لا يمكننا أن نغض الطرف عن اللامبالاة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، وإدراتها ظهرها لكل ما يحدث حولها من مآس، إن ما تفعله يعد انتهاكا للحقوق الإنسان، وإذا كانت تزعم فعلا أنها تدافع عن حقوق الإنسان فعليها التصرّف طبقا لما يمليه الضمير والقانون.
اتفاقية إعادة القبول :
طوال فترة طويلة تم التصرف في الاتجاه المعاكس لحقوق الإنسان، فقد وضعوا العراقيل لمنع اللاّجئين المعرضة حياتهم للخطر من اللّجوء إلى بلادهم ، ومن هذه العراقيل اتفاقية إعادة القبول؛ فالولايات المتحدة الأمريكية بهذه الاتفاقية ترد المهاجرين القادمين إليها بصورة غير شرعية إلى بلادهم التى جاؤوا منها، ومن أحدث الأمثلة في هذه الأيام اتفاقية إعادة القبول الموقعة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية في 16 ديسمبر 2013 م .
وعند تقييم هذه الاتفاقيات التى وُقعت بهدف السيطرة على الحدود من وجهة نظر حقوقية فإن ذلك يعد سعيًا من بعض الدّول لتحميل مسئوليتها إلى دول أخرى، وهو فعل سيؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان بصورة كبيرة جدّا.
والهدف من هذه الاتفاقية هو تنظيم إرسال الأشخاص الذين لا تتوفر فيهم شروط للعيش في بلادهم والذين عدموا تلك الظروف إلى دولة ثالثة أو إلى دولتهم الأصليّة وعلى سبيل المثال :
· لو دخل أحد بدون جواز سفر أو تأشيرة بصورة غير شرعية إلى الدّولة،
· أو دخل بصورة شرعيّة وانتهى الإذن الخاص بإقامته يتم ترحيل هؤلاء الأشخاص إلى بلدانهم.
بالطبع إن لكلّ دولة الحقّ في السّيطرة على حدودها وتحقيق أمنها وتحديد من يدخل إليها ومن يخرج منها ، فلا يوجد من يعارض هذا الأمر ، ولكن يجب ألا يكون هذا الحق مطلقا بدون حد أو شرط، فيجب أن يحد هذه الحق بحقوق الانسان. ولهذا السبب فإن عبور حدود الدّولة البرّية أو البحرية أو الجويّة والدّخول إلى دولة أخرى أمر مرتبط بالقوانين الدّولية، وإلا سيعتبر كل من عبر الحُدود " مُهاجرا غير شرعيّ"، وإنّ النفي خارج الحدود قد لا يكون تصرّفا قانونيّا صحيحا في كلّ الأحوال لأن هذا الشّخص قد يكون لاجئا أو ضحيّة تجارة البشر.
والحقيقة أنّ أغلب البشر موضوع اتفاقية إعادة القبول يعتقدون أنّهم سيجدون الحماية الانسانية هناك، ولهذا السبب يخاطرون بالتعرض للموت أثناء رحلتهم للحصول على الأمن، ولكنه تم إرجاعهم إلى بلادهم دون السماع إلى شكواهم . مع الأسف فإن الدول التي يذهبون إليها تعتبرهم حملا عليهم ، ويريدون التخلص منهم على الفور، وإن هذه القرارات السريعة تكون سببا في انتهاك حقوق الإنسان بصورة خطيرة .
سياسة الرّد:
وهناك طرق أخرى تتبعها أوروبا لمنع اللاّجئين والمُهاجرين من الدّخول إلى بلادهم وهذا التطيبق هو "سياسة الرد " ، وتحتوي هذه السياسة الإبعاد خارج الحدود لمجموعة من الأشخاص دون النظر إلى ظروفهم الخاصة، والقيام بهذا الأمر مخالف تماما للقانون ، ويضع حياة كل البشر وحتى الأطفال في خطر عظيم.
وأوروبا تتهرب من مسئوليتها الإنسانية ليس في " اتفاقية إعادة القبول " أو " سياسة الرد" فحسب بل في العديد من التطبيقات والقوانين، ومنها على سبيل المثال الجدران المبنية على الحدود والأسلاك الشائكة والألغام الموضوعة على الحدود، وسجن المقبوض عليهم بصورة مخالفة للقانون لمدة طويلة ومنع الأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية دولية من الوصول إلى وضع لاجئ.
إلى هنا ينتهى برنامجنا على أمل اللقاء بكم في في الحلقة القادمة.