منذ وجد الإنسان على وجه الأرض وهو يمتلك القدرة على استخدام حاستي الشم والذوق لشم عشرات الآلاف من الروائح وتذوق ما يعادلها من المذاقات المختلفة. وما يكسبه هذه القدرة العجيبة هو احتواء جسمه على جهازين فريدين في خصائصهما. وهذان الجهازان يعملان طيلة حياة الإنسان دون توقف ودون أن يرتكبا أي خطأ، وهما يعملان دون أي مقابل يدفعه الإنسان، وفوق هذا فإن الإنسان خلق مزوّدا بهذه المقدرة على الشم والتذوق دون أن يبذل جهدا أو يتلقى تعليما معينا في ذلك.
إنّ الكتب والمؤلفات الطبية والأحيائية (البيولوجية) توضح أن هذه المقدرة مدينة في وجودها إلى وجود اللسان والأنف والمخ في جسم الإنسان، فلولا المخ والأنف واللسان لما استطعنا أن نشم أو نتذوق. ولكن إلى من ندين في وجود هذه الأعضاء في أجسامنا؟
أكثر الناس يكتفون بمعرفة أنهم قادرون على الشم بأنوفهم والتذوق بألسنتهم ولا يحاولون الذهاب أبعد من ذلك بل لا يكترثون لذلك، وهذا خطأ كبير يرتكبه الإنسان، فلا شك أننا مدينون في وجود هذه الأجهزة الخارقة في أجسامنا إلى الله رب العالمين الذي خلق كل شيء، فلو تأملنا في وظائف حاستي الشم والذوق لظهرت أمامنا أدلة باهرة ودامغة تثبت أننا نتاج لخلق إلهي عظيم.
وهدف هذا الكتاب هو تسليط الضوء على جزء من هذه الأدلة العلمية، ولا شك أن هذا سيقود القارئ إلى تأمل ملكوت الله والتفكر في عظمته ورحمته وعلمه عز وجل وإلى دفع الإنسان نحو تبني الوسائل العلمية والموضوعية في التفكير كوسيلة لمعرفة الله و إدراك قدرته سبحانه وتعالى.