مما لاشك فيه، أنه لاشيء أكثر أهمية في هذا العالم من معرفة البشرية بخالقها، فمعرفة الخالق والإيمان به هو الموضوع الأكثر إلحاحا وأهمية في عالمنا.
وفي البداية سنلقي الضوء علي النعم التي حبانا بها الله وتتبادر إلي أذهاننا، فنحن نعيش في عالم خلقه الله لنا لنحيا فيه وهيأه ونسقه لنا علي أكمل وجه، بدون تدخل منا في هذا النظام والتخطيط الدقيق، فنحن لم نساهم بجهد في النظام الكوني؛ حيث لم نقم مثلا بتحديد المسافة بين الأرض والشمس، والحتي الطريقة التي تستمر بها الأرض في الدوران، ونحن أيضا لم نفكر حتي في الحكمة من أن الشمس تبث أشعتها لتدفئة الأرض، ولم يدر بخلدنا أن هذه الأشعة سيكون لها دور فعال في دورات الغذاء والماء والنيتروجين التي لم نخطط لها.
وعلاوة علي ذلك، فإننا لم ننظم أنفسنا لنكون قادرين علي التنفس بشكل مستمر من أجل البقاء علي قيد الحياة، ولم نقم حتي بتنظيم ضربات قلوبنا وفقا للطريقة التي نستنشق بها الأكسجين في كل نفس.
فنحن لم نحصي أيا من هذه الأشياء ولم نقم بالمشاركة في إعداد أي من التفاصيل الدقيقة اللازمة للحياة، فقد فتحنا أعيننا ذات يوم ووجدنا أنفسنا في خضم نعم لاتعد ولا تحصي.
الكيان العظيم الذى خلق هذه النعم ووضعها تحت تصرفنا هو الله عز وجل ويجب على كل إنسان أن يعترف بنعم الله عليه ويشكره سبحانه وتعالى على ما وهبه من نعم .
إن وجود الله واضح تؤيده الكثير من الأدلة وإنها فعلا حقيقة واضحة أن هذا التنسيق المذهل الذى نلاحظه فى الكون والكائنات الحية لا يمكن أن يكون ناتجاً الإ عن ذكاء فائق .
وبالنسبة لأى شخص لديه ضمير واعى سوف يدرك حقيقة أن الله عز وجل قد إستوى على عرشه وخلق الكون كله وأعطانا نعم لا تعد ولا تحصى ويستحق منا أن نتوجه له بقلوبنا بالشكر والإخلاص فى العمل، فالشخص منا حين يمسك كتاباً فأنه يدرك أن هذا الكتاب قد كتبه أحد المؤلفين فى إطار وهدف محدد ولن يتبادر إلى أذهاننا ولو للحظة واحدة أن هذا الكتاب ظهر بالصدفة، و أيضاً حين ننظر إلى تمثال ندرك أنه تم صنعه بواسطة نحات ، وعلاوة على ذلك لا يمكن لشخص أن يفكر أن الأعمال الفنية التى لا تحصى خرجت إلى حيز الوجود بالصدفة ولا يمكن لنا أن ننكر أن قطع الحجارة التى تكون المبانى قد قام شخص ما بتشكيلها لتصل إلى هذا الشكل النهائى .
وعليه فإن أى شخص يدرك أنه إذا وجد نظام معين فى مكان ما سواء كان صغيراً أم كبيراً فإن هذا النظام لابد وأن يكون وراءه من يحافظ عليه ويبقيه على ثباته، وكإنعكاس لهذه القواعد الواضحة التى تبين لنا أن كل شىء موجود بدءاً من أجسادنا وحتى أبعد نقطة فى هذا الكون الفسيح لابد وأن يكون لها خالق بما لا يدع مجالاً للشك ، وهذا الخالق هو الله عز وجل الذى خلق كل شىء ونظمه وأحضره إلى الوجود على أفضل نسق فهو سبحانه وتعالى الباقى الأبدى .