كما رأينا في القسم السابق، فقد ابتكر المتعصبين الأحاديث الملفقة لأنهم لا يؤمنون الا بعقليتهم المظلمة والشريرة بدلا من القرآن، الذي يعتبر جوهر الإيمان ابتكر، وقدموا الآلاف من الافتراءات للحفاظ على المرأة بشكل خاص بعيدا عن القرآن والعبادة، والنضال الفكري والوعظ. لذلك فالأسباب الرئيسية التي أدت الى فساد المجتمعات الإسلامية بعد عهد النبي ﷺ هو اعراض هذه المجتمعات عن القرآن، وكانت اهانتهم للمرأة والتقليل من شأنها أحد هذه المظاهر؛ وبطبيعة الحال أدى بهم الامر الى تبنى الطرق الخاطئة في التفكير وأصبحت المجتمعات الإسلامية متخلفة. ومع ذلك، كان عاملا ثاني ساهم في ترسيخ هذا التخلف الا وهو -كراهية المتعصبين للفن.
دعونا نذكّر أنفسنا بحقيقة المتعصبين وننظر الآية التي وصف فيها الله عز وجل المتعصبين في القرآن الكريم قبل ان نتناول كراهية المتعصبين:
"... لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ ..."( المائدة،87)
" وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ."(النحل،116)
بالطبع هناك الناس اليوم الذين، يتغاضون بأعينهم عما حرم الله، ويحلّون ما حرم وهم بذلك كله لا يضعون مخافة الله نصب اعينهم. مع ذلك، فان أولئك الذي يحرمون ما أحل الله باسم الدين، هم فئة مختلفة تماما؛ فهم يحرمون ما أحل الله في القرآن، ويقيدون الحريات ويحرمون ما هو شرعي تماما. وكما شهدنا منذ بداية هذا الكتاب، وبالأدلة الداعمة هؤلاء الناس يكرهون الدين والقرآن (والعياذ بالله) ويسعون جاهدين لخلق عقيدة خاصة بهم.
فقد حرم هؤلاء الناس مفاهيم مثل الفرح والفكاهة والفن، والتي كان القرآن قد أشاد بهما وحث عليهما:
منع المزح والفكاهة والضحك
قال الإمام الصادق، "الضحك بصوت صاخب وعال هو من الشيطان." (الكافي، ضد 2، ص 664، رقم 10)
وقال أبو عبد الله: "تجنبوا المزاح والدعابة (المفرطة) لأنه يطفئ نور الإيمان" (الكافي)
قال الإمام: "ّإذا ضحكت فلا يبينن اسنانك" (الكافي)
"لا تضحك كثيرا، فكثرة الضحك تميت القلب (صحيح الجامع 7312، وفي الترمذي، 2305؛ ابن ماجه، 4193)
عن ابن فضل عن حسن ابن جهم عن إبراهيم ابن محزام انهم ذكرو عن ابن الحسن"(كان يحيى بن زكريا (عليه السلام) يبكي ولا يضحك ، وكان عيسى بن مريم (عليه السلام) يضحك ويبكي ، وكان الذي يصنع عيسى أفضل من الذي كان يصنع يحيى "( الكافي)
قال الإمام الصادق: "إن ضحكة المؤمن ابتسامة." (سورة الكافي، ضد 2، ص 664، رقم 5)
تصف هذه الأحاديث الملفقة بشكل واضح لا يدعو للشك العالم المرعبة والبارد الذي يعيش فيه المتعصبين. يتذكر القراء في بداية هذا الكتاب كيف تطرقنا للعالم المظلم الذي يعيش فيه المتعصبين والذي يتجلى في كل شيء وفي كل مكان، وكيف ان المتعصبة لا تظهر فقط للعالم الخارجي ولكنها شيء داخلي يعشش في داخل قلوبهم وفي مواقفهم الخبيثة تجاه المرأة نظرتهم للزهور أو القطط أو الجمال بشكل عام؛ حيث تكشف الأحاديث الملفقة المذكورة هنا مدى بعد المتعصبين عن السعادة والضحك والفكاهة التي هي نعمة عظيمة، وهي جزء من الطبيعة البشرية وواحدة من أعظم احتياجات الناس. فمن الواضح أن العيش في نظام يمنع الضحك، وتشرب هذه الأحاديث الملفقة التي يأتي بها أحد من الأنبياء من أناس لم يضحكوا يوما على الاغلب قد يجعل الانسان مرتبط ارتباط وثيق بهذا الايمان الأصولي ويخلق منه كائن اخر مرعب.
ومع ذلك، فقد حرّم القرآن الكريم على المسلمين تحزن، وبين ان المسلم هو أسعد شخص في العالم لأنه يسلّم امره الى الله، ويصبر ويثبت نفسه ودائم الحمد الله رب العالمين؛ فالمسلم لا تنتابه المخاوف بشأن المستقبل لأنه يعرف ان كل امره خير فان اصابته سراء شكر وان اصابته ضراء صبر، ويعلم انه كل ما يمكن يحدث له هو مقدر من رب العالمين وان الموت ليس نهاية المطاف ولكن النهاية في يوم الحساب ولقاء رب العالمين. كما بشّر الله المؤمنين بالجنة في القرآن الكريم وامرهم ان يظهروا صفات الجنة على أنفسهم في الحياة الدنيا ويتصرفوا على هذا الأساس، وبالتالي كل هذه الأمور هي مدعاة فرح للمسلمين لأنها تصل بهم الى مرضاة رب العالمين.
اعتبر القرآن الكريم الحزن والتعاسة من صفات الكافرين:
" فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ."(التوبة،82)
" قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ."(المؤمنون،106)
كما يمكننا أن نرى، فقد ساو الله عز وجل التعاسة مع الكفر في القرآن الكريم وجعلها من صفات الكفار، حيث ان هؤلاء الناس في الآخرة سوف تغلب عليهم حسرتهم ويعضون على اصابعهم من الندم والحزن على ما ضيعوا من جنب الله وعدم سلوكهم لطريق الهداية، لذلك فالله لا يريد التعاسة والحزن لعباده المؤمنين؛ بل ان السعادة مرتبطة بالإيمان والمؤمنين في القرآن الكريم.
ويبين الله لنا في آيات أخرى، بان بعض الناس رفضوا النصيحة بسبب حزنهم وتعاستهم:
" سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى(10)وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى."(الأعلى،10-11)
كما وحرّم الله سبحانه وتعالى الحزن على جميع المسلمين:
"وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ." (سورة آل عمران: 139)
يحاول المتعصبين تفنيد هذه الآيات من خلال الأحاديث الملفقة، فهم يعتبرون المسلمين مرتبطين بالحزن الذي ربطه الله عز وجل بالكافرين؛ ويسعون دائما إلى تدمير الفرح الذي هو من اهم حاجات الروح والجسد متجاهلين بذلك إرادة الله عز وجل ومتناسين ان سبحانه جل في علاه خلق الجنة باعتبارها دار الفرح.
الفرح في الجنة والمعنى الحقيقي للحزن
لقد جعل الله عز وجل الجنة مسكننا الأبدي وجعل فيها حياتنا الأبدية بالطريقة التي يرضى ويفضلها لنا؛ وبالتالي فهي الحياة المثالية لأنها اختيار الله لنا، حيث يوصف الله عز وجل حالة السعادة التي يعيشها المؤمنين في الجنة ويقول:
"فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ."(الروم،15)
يحاول المتعصبين دائما حرمان المسلمين من "بهجة" فرح الجنة أثناء في حياتهم الدنيا خلال هذه الأحاديث الملفقة. في الحقيقة هم لا يعلمون حتى المعنى الحقيقي للحزن؛ فعندما يحزن الانسان ويقول " ليت هذا لم يحدث" سواء كان الشخص مدركا لما يقول ام لا، أو يعلم ما يقول ام لا، فهو في الحقيقة يعترض على قضاء الله وامره؛ وبالتالي على المتعصبين ان يدركوا أيضا بان اباحة الحزن هو اعتراض على قضاء الله وقدره
الإيمان هو واحدة من أعظم النعم التي أنعمها الله على الإنسان؛ حيث ينعم هذا الانسان بالسلام والسعادة التي يملأ الله بها قلبه بالإيمان الذي يتفوق على أي شيء اخر؛ حتى لو كان هذا الانسان محروم من نعم هذه الدنيا، وابتلاه الله بشتى الصعوبات وحتى لو بدى له ان جميع الظروف تجتمع ضده، فيبقى قلبه عامر بالإيمان والسعادة. ينعم الله عز وجل بالسلام والصحة على القلوب التي تخشع له ويجعل ارواحهم سعيدة. لذلك من المستحيل لشخص لا يخشع قلبه لذكر الله ان يكون قلبه سعيدا حقا، حتى لو تظاهر بانه سعيد؛ قد يغدق الله على هؤلاء الأشخاص بالنعم والمسرات الوفيرة كاختبار لهم، فيعيشون في رغد من العيش وملذات الحياة المؤقتة، ولكن في الحقيقة تبقى أرواحهم عطشى ويبقوا محرومين من السعادة الحقيقة والأبدية ومن السلام الداخلي الذي يعيشه الانسان المؤمن الخاشع قلبه لله عز وجل. يقول الله عز وجل في الآية 28 من سورة الرعد؛"...الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ."(الرعد،28) تكون راحة البال في التوكّل على لله وحده.
لذلك، من امن بالله حقا فقد حصل على السعادة الحقيقة؛ السعادة هي سر تحتاجه الطبيعة البشرية كي تبقى صحية وسليمة، حيث تبقى الخلايا الإنسانية صحية وسليمة ببقاء السعادة. لهذا السبب ربط الله عز وجل السعادة بالإيمان والعبادة وجعل لها تأثير إيجابي على الطبيعة البشرية الجسدية والنفسية لكل من ملكها وكان قلبه عامرا بالإيمان. كما خلق الله عز وجل الضحك والفرح والسعادة وجعلها أشياء إيجابية في الحياة، وجعل الحزن من ناحية أخرى مرتبط بالآثار الضارة جدا والتي تسبب الأذى الجسدي والنفسي.
تجنب المُزاح
سيكون من المفيد أن نتطرق إلى موضوع حظر المزاح هنا. يعتبر المزاح الناجح بمثابة فن؛ فالناس الذين يتقنونه عامة ينتجون مزيجا من الفن والذكاء معا. كما تلقي النكتة بالفرح على محيط الشخص الذي يلقيها عامة وتعبر في بعض الأحيان عن نوع من الانتقاد لا يمكن القبول به بشكل اخر ولكن يمكن تقبله من خلال الفكاهة؛ وخصوصا عندما تستخدم النكتة بأسلوب مبدع تبعث السرور على الطرف الاخر بحيث تنصحه بالإخلاص وفي نفس الوقت تكون نابعة من القلب، فالنكتة هي نعمة عظيمة. كباقي أشكال الفن، فالنكتة هي نعمة تعمل على توسيع آفاق الناس وتبعث بالمتعة والتسلية على المجتمعات، وهي في نفس الوقت جانب رائع في التعبير عن الديمقراطيات. على الصعيد الأخر نجد أن المتعصبين يعيشون في هذه الحياة بدون سعادة او متعة تذكر؛ حياة بدائية وبلا روح، من خلال صدهم لنعمة الضحك والفكاهة.
لقد دحض القرآن الكريم كل ادعاءات المتعصبين حول موضوع الفرح والضحك والمزاح الذي تطرقنا له في الأعلى. كام كانت تصرفات النبي ﷺ واصحابه حيث كانوا يمارسون الفرح والسعادة التي دعى اليها القرآن من خلال المزاح واثارة جو المرح فيما بينهم، فيما يلي بعض المشاهد من حياة النبي ﷺ:
· عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر. قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني. فقال: "هذه بتلك السبقة"، وفي لفظ: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني. فقال: "هذه بتلك" (1). (أحمد صفوت كما هو والصفوة، المجلد الأول، ص 68)
· وقال أبو أسامة اعتدت المزاح معه. (سنن أبي داود، سنن الترمذي)
· عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدلع لسانه للحسن بن علي "، فيرى الصبي حمرة لسانه , فيبهش إليه فرحا"
· وقال عبد الله بن حارث انه لم ير أي شخص آخر كان أكثر دعابة من روح رسول الله ﷺ.
· أبي هريرة رضي الله عنه أنهم قالوا: {يا رسول الله، إنك تداعبنا -أي تمازحنا-فقال: نعم، لكني لا أقول إلا حقاً}
· وقال أنس (رض) أن شخصا سأله اذا تصرف النبي ﷺ بمرح. فرد عليه ابن عباس بالإيجاب. (ابن عساكر و آل كنز المجلد الرابع ص 43)
· وقال "أنس (رضي الله عنه):" لقد كان رسول الله ﷺ يمتلك أجمل روح وأكثر الناس دعابة. "
· عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن آخر من يدخل الجنة، رجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار مرة، فإذا جاوز الصراط التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجّاني منك، لقد أعطاني الله ما لم يعطِ أحداً من الأوّلين والآخرين، قال: فترفع له شجرة فينظر إليها، فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة لأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول: أي عبدي فلعلي إذا أدنيتك منها سألتني غيرها. فيقول: لا يارب ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل يعلم أنه سيسأله؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها، ثم ترفع له شجرة وهي أحسن منها.
فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول: أي عبدي ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها؟!! فيقول: يا رب هذه ولا أسألك غيرها ويعاهده، والرب يعلم أنه سيسأل غيرها فيدنيه منها فترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن منها، فيقول ربي أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول: أي عبدي ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟! فيقول: يا رب هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده، والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لأنه يرى ما لا صبر عليها، فيدنيه منها فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: يا رب الجنة الجنة فيقول: عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها؟! فيقول: يا رب أدخلني الجنة قال: فيقول عز وجل: ما هو الشيء الذي يرضيك؟ أيرضيك أن أعطيك من الجنة الدنيا ومثلها معها؟ قال: فيقول: أتهزأ بي وأنت رب العزة؟ قال: فضحك عبد الله بن مسعود حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا تسألوني لمَ ضحكت؟ قالوا لمَ ضحكت؟ قال: لضَحِك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسألوني لمَ ضحكت؟ قالوا: لمَ ضحكت يا رسول الله؟ قال: لضَحِك الرب حين قال الرجل: أتهزأ بي وأنت رب العالمين، فيقول الله تعالى: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر.
الادعاء بأن الموسيقى والشعر من المحرمات
عن ابن عساكر عن أنس (رضي الله عنهما) أن النبي ﷺ قال: " من استمع إلى مطربة صب في أذنه الآنك-أي: الرصاص المذاب-يوم القيامة – (الجامع الصغير ليل الألباني رقم 5410)
لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا(م. المصابيح 4\4809)
من لها بالغناء ، لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة . قيل : وما الروحانيون ؟ قال : قراء أهل الجنة (كنوز الامة، رقم 40660،400666، والقرطبي رقم 14\53-54)
الغناء يولد النفاق في القلب. (سنن أبي داود، كتاب 41، الحديث 4909)
لقد حرّم الله سماع الغناء، وما ينفق عليه، وما يكسب .. (محمد الغزالي، النبوي السنة)
خلافا لكل هذه الأحاديث الملفقة، لم يذكر في القرآن الكريم أي شيء يحرّم الموسيقى والرقص والترفيه؛ فقد أحل الله عز وجل السعادة والسرور والفرح للمسلمين. الرقص يعني الإيقاع والتناغم؛ لقد خلق الله الكون كله بإيقاع، حتى الطيور والحشرات والفراشات ترقص، وتجد الطيور تغني أغاني جميلة بصوت وإيقاع تبعث البهجة والسرور في النفس ولا لا يمكن أبدا الشباع منه. كما ان صوت البحر، نبض الطبيعة، وحفيف الأشجار كلها إيقاع واحد، وخلق الله الجنة بإيقاع أيضا، حيث ترقص فيها الأشجار والنباتات والحيوانات. وفي حديث عن النبي ﷺ يقول:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله، انه قال من منبر البصرة: "إن الله سوف يرسل رسله إلى اهل الجنة ويسأل:" هل أتم الله وعده لكم؟ "في تلك اللحظة، ينشغل الناس في الحلي، والملابس، والفواكه، والأزواج الناصعة والأنهار التي أنعمها عليهم ولا يستطيعوا الرد: بأنهم قد لقوا ما وعدهم الله" وتسألهم الملائكة ثلاث مرات: هل أتم الله وعده لكم؟ "عندما يرون أن الله قد اتم وعده بأدق التفاصيل، سيقولون" نعم! وترد الملائكة " ثمة هناك شيء واحد بعد. " فيتجلى الله سبحانه وتعالى بعظمته ويرفع الحجاب عن أعينهم، وعندما تراه، جميع الأنهار والأشجار تفرح، وترفرف، فتضيئ القصور بالانوار، وتتدفق الانهار بسرعة وتشرق، وتسود الروائح الجميلة في باحات والقصور، وتنتشر رائحة المسك والكافور في جميع الارجاء. وتغني الطيور، وتتألق الحور العين بجمالها (الشراني المختصر في تذكرة القرطبي،ص.370)
وهكذا فقد ألهم الله عز وجل النبي محمد ﷺ جمال الجنة وفرحة الموسيقى المتناغمة في الجنة، فكيف يحرّم الله فرحة احلّها لعباده في الجنة؟ بالطبع هذا غير ممكن.
يعم الفولكلور والرقص جميع أنحاء تركيا؛ فهناك الرقصات الشعبية المعروفة باسم حورون، هلاي والزيبك، ويمارس الناس الرقص في جميع أنحاء العالم. ان العالم الذي يخلو من الرقص والموسيقى بتعارض مع الطبيعة البشرية ويترك فجوة ضخمة ويفقد الكثير من النعم. كما ان محاولة هؤلاء المتعصبين في تحريم النعم التي تسعد الله نفسه والتي أحلها لعباده، تمثل فشل كارثي في فهم رب العالمين ونعمة فنه الراقي.
التضليل الذي يمارسه المتعصبين بمنع الموسيقى
عند مناقشتنا لهذا الامر ينبغي علينا دراسة حياة المتعصبين أنفسهم، حيث يعيش هؤلاء المتعصبين منذ ان اخترعوا المحرمات الملفقة التي لا مكان لها في القرآن الكريم، في حالة مستمرة من التناقض والزيف في حياتهم اليومية (إلا من رحم ربي بالطبع).
· أولئك الذين "يحرّمون الموسيقى" هم أنفسهم يسمعون الموسيقى ويبقوا المحطات الغنائية مفتوحة طيلة الوقت.
· عندما يحضرون الأعراس يغنون ويرقصون بكل سعادة ويمارسون طقوس الحنّاء
· هؤلاء الناس يستمعون طيلة الوقت الى الموسيقى في سياراتهم
ليس هناك حرج في الاستماع الى الموسيقى طوال الوقت أو الرقص في حفلات الزفاف على العكس فهذه النعم هي من متع الحياة التي أنعمها الله على الانسان؛ لكن هؤلاء الناس الذين ننتقدهم هنا يستخدمون الدين كذريعة لتبرير تحريمهم للموسيقى بطريقة خاطئة تماما وتعكس الضلال الذي يعيشون فيه. ومن المهم أن نكون على بينة للوجه الحقيقي لأولئك الذين يحرّمون ما أحل الله باسم الدين، حيث وصفهم الله عز وجل على النحو التالي:
" ...وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ"(الحديد،27)
يبّين الله عز وجل في هذه الآية، ان القرآن بريء من الدين الذي ابتدعوه، وحتى أولئك الذين ابتدعوا هذه التلفيقات هم أنفسهم لا يلتزمون بها، حيث يكشف لنا القرآن من خلال هذه الآيات نفاق هؤلاء الناس؛ وإذا نظرنا الى حياتهم الخاصة نجداه تؤكد تماما ما جاء في هذا الآية. قد يتصور كثير من الناس ان هؤلاء المنافقين يخشون الله، وبالطبع من الممكن ان يكون من بينهم من هو مؤمن حقا ويعيش على أساس مبدئ القرآن الكريم، لكن الحقيقة بشكل عام انهم غير ذلك تماما وأكثرهم فاسقين ويعصون رب العالمين؛ فمن المستحيل ان يكون انسانا صالحا ويعيش على التلفيقات المتعصبة لأن ثقتنا في وعد الله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ."(الأنفال،29)
فكما تبيّن هذه الآية، الانسان المؤمن يستطيع التمييز بين الخطأ والصواب.
الله يحب الموسيقى، ويدعوا عباده الى حبها
شرع الإسلام الموسيقى والرقص، فهم من نعم الجنة. لقد الله خلق الموسيقى، والأغاني، والآلات الموسيقية، والأزياء الجميلة، والزينة والرقص وجميع الأشياء الجميلة، وجعل قلوب عباده تتعلق بهذه النعم وخلق الروح محبة ومتعلقة بالجمال.
وتصف التوراة أيضا كيف أن النبي داود (عليه السلام) عزف بِكُلِّ أَنْوَاعِ الآلاَتِ مِنْ خَشَبِ السَّرْوِ، بِالْعِيدَانِ وَبِالرَّبَابِ وَبِالدُّفُوفِ وَبِالْجُنُوكِ وَبِالصُّنُوجِ، وكيف انه رقص أمام الله؛ وتصف أيضا كيف ان هناك أناس كانوا يحسدون هذا الرقص، تماما كما هو الحال في المجتمعات فأن هناك أشخاصا يحاولون تحريم ما احله الله، لذلك علينا أن نستفيد من التوراة عن وجود اولئك الناس في تلك الأيام، حيث حاولوا بحماقة حظر الموسيقى والرقص بين اليهود، وانتقدوا بحماقة تصرفات النبي داهود:
وَدَاوُدُ وَكُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَلْعَبُونَ أَمَامَ الرَّبِّ بِكُلِّ أَنْوَاعِ الآلاَتِ مِنْ خَشَبِ السَّرْوِ، بِالْعِيدَانِ وَبِالرَّبَابِ وَبِالدُّفُوفِ وَبِالْجُنُوكِ وَبِالصُّنُوجِ (التوراة، 2. صموئيل 6: 5)
وَكَانَ دَاوُدُ يَرْقُصُ بِكُلِّ قُوَّتِهِ أَمَامَ الرَّبِّ. وَكَانَ دَاوُدُ مُتَنَطِّقًا بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ(15) فَأَصْعَدَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ تَابُوتَ الرَّبِّ بِالْهُتَافِ وَبِصَوْتِ الْبُوقِ(16)وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ الرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ، أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ الْكُوَّةِ وَرَأَتِ الْمَلِكَ دَاوُدَ يَطْفُرُ وَيَرْقُصُ أَمَامَ الرَّبِّ، فَاحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا(التوراة، 2. صموئيل 6: 14-16)
* ميكال ابنة شاول، هي واحدة من زوجات داود
وَرَجَعَ دَاوُدُ لِيُبَارِكَ بَيْتَهُ. فَخَرَجَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ لاسْتِقْبَالِ دَاوُدَ، وَقَالَتْ: «مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ الْيَوْمَ، حَيْثُ تَكَشَّفَ الْيَوْمَ فِي أَعْيُنِ إِمَاءِ عَبِيدِهِ كَمَا يَتَكَشَّفُ أَحَدُ السُّفَهَاءِ(21) فَقَالَ دَاوُدُ لِمِيكَالَ: «إِنَّمَا أَمَامَ الرَّبِّ الَّذِي اخْتَارَنِي دُونَ أَبِيكِ وَدُونَ كُلَّ بَيْتِهِ لِيُقِيمَنِي رَئِيسًا عَلَى شَعْبِ الرَّبِّ إِسْرَائِيلَ، فَلَعِبْتُ أَمَامَ الرَّبِّ(22) وَإِنِّي أَتَصَاغَرُ دُونَ ذلِكَ وَأَكُونُ وَضِيعًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِي، وَأَمَّا عِنْدَ الإِمَاءِ الَّتِي ذَكَرْتِ فَأَتَمَجَّدُ(التوراة، 2. صموئيل 6: 20-22)
فَأَرْكَبُوا تَابُوتَ اللهِ عَلَى عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ، وَحَمَلُوهُ مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ الَّذِي فِي الأَكَمَةِ. وَكَانَ عُزَّةُ وَأَخِيُو، ابْنَا أَبِينَادَابَ يَسُوقَانِ الْعَجَلَةَ الْجَدِيدَةَ.(4) فَأَخَذُوهَا مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ الَّذِي فِي الأَكَمَةِ مَعَ تَابُوتِ اللهِ. وَكَانَ أَخِيُو يَسِيرُ أَمَامَ التَّابُوتِ(5) وَدَاوُدُ وَكُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَلْعَبُونَ أَمَامَ الرَّبِّ بِكُلِّ أَنْوَاعِ الآلاَتِ مِنْ خَشَبِ السَّرْوِ، بِالْعِيدَانِ وَبِالرَّبَابِ وَبِالدُّفُوفِ وَبِالْجُنُوكِ وَبِالصُّنُوجِ. (التوراة، 1. سجلات 13: 7-8)
فكان جميع إسرائيل يصعدون تابوت عهد الرب بهتاف، وبصوت الأصوار والأبواق والصنوج، يصوتون بالرباب والعيدان(28) ولما دخل تابوت عهد الرب مدينة داود، أشرفت ميكال بنت شاول من الكوة فرأت الملك داود يرقص ويلعب، فاحتقرته في قلبها(29) (التوراة، 1. سجلات 15: 28-29)
كان الناس في ذلك الوقت بما في ذلك زوجة النبي داود، ينظرون الى استمتاعه بالرقص وتملئ عيونهم الفرح. كما ان الله سعيد بهذه البيئة المرحة في التوراة، والطريقة التي يطيع النبي داود فيها وصايا الله بمارسة الموسيقى والرقص يعني انه تصرف على أفضل حال. ومع ذلك، فقد انتقد أولئك الذين ينظرون الى داود من الخارج سلوك داود لانهم لا يؤمنون بنبوته و جاهدوا لخلق دين جديد خاص بهم.
يهاجم المسلمين المتبعين للقرآن اليوم بنفس الطريقة التي هوجم فيها الأنبياء عليهم السلام. كما ان تفضيل المتعصبة على العقيدة الحقيقة للإسلام كان واحدا من أسوأ الآفات على مدى التاريخ؛ حيث نجد ان مواضيع النساء والرقص والموسيقى هي من أكثر المواضيع التي تسري فيها تلك الآفة بوضوح.
ومع ذلك، وكما رأينا في مثال النبي داود (عليه السلام)، فإن نبينا ﷺ أيضا كان فرحا بنعمة الله في الموسيقى والرقص. في الواقع هناك الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن ممارسة أصحاب النبي ﷺ للرقص وهناك تقارير حول تشجيع النبي ﷺ نفسه للرقص والتسلية، وخصوصا إذا كانت لا تتعارض مع القرآن الكريم هذه هي بالاتفاق مع القرآن الكريم، واحتمال كبير للبعض من هذه التقارير مأخوذ من أحاديث النبي ﷺ، اصطفينا منها ما صحيح فيما يلي:
روي عن ابي مسعود الأنصاري ان امير ابن سعد: وجد قريظة ابن كعب وأبو مسعود الانصاري في احدى حفلات الزفاف في مجلس غناء للبنات" قلت،" كيف يعقل ان تجلسوا في هذا المجلس وأنتم صحابة رسول الله ﷺ وشاركتم في معركة بدر؟ فردوا عليه قائلين" اجلس ان اردت واستمع او انصرف، فقد سمح لنا رسول الله ﷺ بالتسلية في الأعراس."( الترمذي حديث 3159)
عن سلمة: خرجنا مع النبي إلى خيبر. فقال رجل (من الصحابة)، "يا عُمير! الا تحدو لنا من الهدى (الاناشيد اثناء قيادة الإبل.)" فأنشد بعض منها مثل ( أناشيد تلائم سير الأبل). قال النبي ﷺ: "من هو السائق (لهذه الإبل)؟" قالوا: "عُمير". قال النبي ﷺ ، "رحمك الله!" (صحيح البخاري، كتاب 83، الحديث 29)
عن عائشة رضي الله عنها: ان رسول الله ﷺ دعا نساء الأنصار الى حفل زفاف. كنا يغنين الأغاني...( ابن ماجة، النكاح:21،صحيح البخاري،النكاح:48،المغازي:12)
عن الرباعية بنت مواودة: ان النبي ﷺ جلس معي على فراشي بعد أن قضينا حاجتنا معا كما تجلسين انتي (الراوي) وكانت الفتيات يضربن الدف وينشدن... (صحيح البخاري، كتاب 59، الحديث 336)
روى أنس يروي أنه أول ما قدم النبي ﷺ إلى المدينة ،جاء الأنصار من الرجال والنساء. ... خرجت بنات النجار بالدفوف وهن يقلن :: "نحن فتيات النجار. ! " طلــع البـدر علينـا - من ثنيات الوداع .فخرج النبي ﷺ فسأل أحد الجارات" اتحبينني؟" "فأجابت:" نعم والله يا رسول الله! "فرد عليها قائلا:" الله وحده يعلم أن قلبي يحبك ". (سنن ابن ماجة، كتاب النكاح، الحديث 1889)
عن عائشة رضي الله عنها انها قالت: زوجت احدى البنات من نساء الأنصار، فقال لي النبي ﷺ لماذا لا تنشدين يا عائشة لهذه العائلة بعض الأغاني؟ ، (الترمذي الحديث 3154)
تحريم الرسم والنحت
اشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ( صحيح البخاري، الكتاب 72، حديث 834)
كل من يصور سوف يستمر في العذاب حتى يضع الحياة فيما صور ولن يستطيع ان يضع الحياة فيه.( صحيح البخاري,الكتاب 34,حديث 428)
لا تدخل الملائكة بيت فيه صور.( صحيح البخاري، الكتاب 34، الحديث 318)
كل الرسامين الذين يصنعون الصور في نار جهنم، ويجعل الله الروح في كل صورة رسمها وسوف تعاقبه في النار.( صحيح مسلم، الكتاب 24، 5272)
يستغل المتعصبين هذه الأحاديث الملفقة لتحريم الرسم والنحت في المجتمع الإسلامي. فهم يروّجون ان الرسامين والنحاتين هم اشد الناس عذاب يوم القيامة؛ حيث يدعون ان هؤلاء الناس نسبوا إلى أنفسهم الألوهية (والعياذ بالله) من خلال تقليد خلق الله؛ فأي شبه يمكن ان يكون بين منزلة الرسام أو النحات وبين منزلة خلق الكون؟ وإذا ادّعى رسام أو نحات هذا الادعاء الفاسق فادعائه مردود عليه لان فقير العقل والروح ولا علاقة للفن بهذه التفاهات وينطبق الأمر على كل أصحاب المهن والتخصصات أيضا.
خلق الله عز وجل جميع المظاهر الجمالية التي نراها في الطبيعة وإذا نظرنا الى جميع المظاهر الفنية التي خلقها الله عز وجل من حولنا نستطيع فهم قيمة الفن. في الحقيقة لقد تم تطوير كل الأدوات التكنولوجية التي نراها في حياتنا من خلال تقليد خلق الله عز وجل. كما ان وجود الكائنات الحية المختلفة نعمة كبيرة للتكنولوجية: فمثلا يقلد الناس الطيور وبعض المخلوقات الطائرة الأخرى في صناعة طائرات ذات قدرة طيران وامكانيات عالية جدا ومثالية في المناورة لأنها مستوحاه من الكائنات الحية التي خلقها الله عز وجل؛ فلم يتمكنوا من صناعة هذه الطائرات الا بعد الهام كبير جاء نتيجة التأمل في مخلوقات الله، فهذه نعمة لأن هناك بالفعل نماذج رائعة في عملها تعيش في الطبيعة يمكن استخدامها في حياتنا من خلال التكنولوجيا، ولا يتوقف الامر فقط على الطائرات بل والسيارات أيضا ومختلف الماكينات ذات الاذرع الميكانيكية المختلفة التي تستخدم في مختلف الاعمال والمشاريع الضخمة على هذا الكوكب، كلها مستوحاه من تقليد مختلف الكائنات الحية التي خلقها الله عز وجل؛ فهي هدية من الله لكل أصحاب العقول والمفكرين والمهندسين لاستخدامها من اجل حياة افضل للبشرية . ليس هذا فحسب، بل ان كل اشكال التقدم العلمي والتكنولوجي التي توفر مزيدا من الراحة وتساهم في تيسير حياة الناس، هي بكل بساطة تقليد لكل الاعمال الفنية التي خلقها الله عز وجل في الطبيعة؛ فقد خلق الله النماذج في الكون وتقوم التكنولوجيا بتقليد هذه النعم للبشرية.
السبب وراء استهداف المتعصبين لفن النحت على وجه الخصوص يكمن في الواقع في تقليد موروث الذي ورثوه من الماضي. في الماضي، عندما كانت عبادة الأصنام منتشرة بشكل واسع، اتخذ بعض الحكام تدابير ضد صنع التماثيل من أجل منع الناس من عبادة الأصنام. وكانت تهدف هذه التدابير آنذاك إلى تجنب الأخطار المحتملة في تلك المجتمعات، وتم نشر هذه الوصاية حرفيا واعتبارها جزء من العقيدة رغم انها لم تذكر في القرآن ولكن جاءت عن طريق الاجتهاد لتجنب الناس مخاطر الاصنام آنذاك. وتعتبر هذه الوصاية من أخطر الأضرار التي يمكن ان يسببها بعض الناس الذين يفضلون أصولهم الموروثة على القرآن الكريم.
من غير الممكن ان نحرم أنفسنا من النار أو الشمس لمجرد ان المجوس يعبدون النار وغيرهم من الناس يعبدون الشمس، ولا نتوقف عن اكل لحوم البقر لان الهندوس يقدّسونها؛ فهذه حقا وسيلة بدائية في التفكير ان نحرّم جميع التماثيل والفنون لمجرد ان هناك بعض الوثنيين الذين يعبدون الأصنام. هذا، ويكمن الخطأ في تأليه الأشياء وطريقة التعامل معها؛ فمن يقدّس هذه الأشياء او يعاملها بطريقة تغضب الله عز وجل هم في الحقيقة يرتكبون المحرّمات وافعالهم مردودة عليهم ولكن الأشياء نفسها ليست محرّمة.
ان جميع فنون الرسم والنحت التي يحرّمها المتعصبين في المجتمعات الإسلامية هي قطعا ليست غير محرّمة في للقرآن وهو دليل المسلمين في كل مناحي حياتهم. الله يحب الفن ويدعوا عباده إلى حبه ايضا؛ وجعل الفن في خلقه لكل الكون، ولم يحرّم في كتابه أي نوع من الرسم أو النحت، بل على العكس فقد مدحت آيات القرآن الكريم الأعمال الفنية.
يمدح الله عز وجل التماثيل والأعمال الفنية كأمثلة على عظمة البناء في قصر النبي سليمان (عليه السلام) في تلك الآية:
" يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ."(سبأ،34)
ينبغي على المتعصبين الذين يحرمون هذه الفنون -على الرغم من هذه الآيات القرآنية – ان يظهروا موقفهم مما جاء في هذه الآية التي تصف قصر النبي سليمان (عليه السلام)، والذي كان يعج بالتماثيل الرائعة والخلابة.
ألحق مروجي هذه الخرافات ضررا كبيرا على المجتمعات الإسلامية، حيث لم يستطع العالم الإسلامي من تطوير نفسه بعد انتشار هذه الخرافات حول النحت والرسم؛ فالمجتمعات التي لا تستطيع تطوير الفن تبقى مجمدة وفارغة الروح ومنغلقة على نفسها. كما أنها تفقد تدريجيا قدراتها الإبداعية، والقدرة على التفكير العملي وفهم التفاصيل، حيث تنعكس برودة وقلة الذوق في الأماكن التي يعيشون فيها والطريقة التي يعاملون بعضهم البعض بها، وكل لذلك نتيجة اهمال الفن والرتابة، برودة وقلة الذوق، وخلو عالم المتعصبين من النعم التي أنعمها الله على عباده من خلال هذا الفن.
تحريم الذهب والحرير
أخذ النبي صلى الله عليه وسلم حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال : إن هذين حرام على ذكور أمتي"( سنن أبو داود، الكتاب 32، الحديث 4046)
عن أبو موسى الأشعري اخبر ان رسول ﷺ أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي وحرم على ذكورها( الترمذي)
حرم المتعصبين الحرير والذهب ولفق العديد من الأحاديث حول هذا الموضوع، ولكن في الحقيقة لم تأتي ولا آية واحدة بتحريم الذهب والحرير، بل على العكس من ذلك، فقد وصف الذهب والحرير في القرآن الكريم كنعمة من الله وذلك كما يلي:
"أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا."(الكهف،31)
"إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ."(الحج،23)
"جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ."(فاطر،33)
وهناك بعض الأحاديث أيضا تظهر استخدام قماش الحرير في عهد النبي ﷺ كما يلي:
عن سعد: رأيت رجلا راكبا على بغلة بيضاء وكان لديه عمامة سوداء من الحرير والصوف. قال: لقد وضعها رسول الله ﷺ ( سنن أبو داود، الكتاب 32، الحديث 4027)
قال أبو داود: كان عشرون من صحابة الرسول الله ﷺ أو أكثر يلبسون الحرير، كان من بينهما انس والبراء ابن اعزب. ( سنن أبو داود, الكتاب 27, الحديث 4028)
كما رأينا، كان النبي ﷺ يعتبر المسلمين أحق بهذا الجمال والملابس الجميلة
بالطبع كانت هذه الأمور في سنة نبينا ﷺ لأنه كان يشجع ويحب النعم التي مدحها الله في القرآن. ومن الدلائل القطعية هنا على أن هذه الأحاديث هي كاذبة وملفقة هو في تحريمهم أشياء باسم النبي ﷺ لم يأتي القرآن الكريم على ذكر تحريمها بتاتا ولا مجال للشك فيها.
الذهب هو زينة، وكما رأينا من قبل، فالله يشيد بجمال الزينة في القرآن الكريم حيث يقول سبحانه " يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ..." (سورة الأعراف، 31)، ويدعو المسلمين اللباس الجيد واستخدام الزينة.
دعونا نذكر أنفسنا أيضا بأن الزينة حللت للرجال والنساء على حد سواء حيث يقول تعالى في سورة الأعراف:
" قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ."( الأعراف،32)
منع المكياج وتصفيف الشعر والنظافة ولأناقة
الأحاديث الملفقة التي تحرّم الرائحة الجميلة
لا يقبل الله صلاة امرأة تطيبت لهذا المسجد حتى تغتسل كغسلها من الجنابة (سنن أبو داود، الكتاب 33، الحديث 4162)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا استعطرت المرأة ، فمرت على القوم ليجدوا ريحها، فهي كذا وكذا. قال قولا شديدا.(سنن أبو داود، الكتاب 33، الحديث 4161)
والمرأة إذا خرجت من باب دارها متزيّنة متعطّرة، والزّوج بذاك راض، بني لزوجها بكلّ قدم بيت في النّار.( نهج الفصاحة، 2382)
ايما امرأة تعظرت لغير زوجها وخرجت، لن يقبل منها صلاتها حتى تغتسل كأنها تغتسل من الجنابة.( ما لا يحزره الفقيه، المجلد 3، ص.440)
الأحاديث الملفقة التي تحرّم الوشم وإزالة الشعر وتجميل الاسنان
لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله(صحيح البخاري، الكتاب 72، الحديث 815)
الأحاديث حول تحريم الشعر المستعار ونتف الحاجب والوشم
لُعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء( صحيح البخاري، الكتاب 72، الحديث 820)
لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله(صحيح البخاري، الكتاب 72، الحديث 815)
الأحاديث التي تحرّم خروج المرأة من بيتها بملابس انيقة
قال النبي ﷺ " يا فاطمة! ان ملائكة السموات السبع والأرضين السبع تلعن المرأة التي تخرج متزينة ومتجملة كي يعجب الناس بجمالها، فتحصل على غضب الله في الدنيا ويلقى بها في نار جهتم في الاخرة"( شهب الاخبار، دستان الزنان، ص.11)
الإمام الصادق: يكفي للمرأة ان تقلل من شأنها وتجلب العار لنفسها ان تخرج بالملابس (كي يراها الناس ويشيروا اليها) ( بحار الأنوار، المجلد.78، ص.252)
علي رضي الله عنه: اردين الملابس السميكة( التي لا تصف الجسم) فلا يرتدين الملابس الخفيفة الا خفيفات الايمان"( بحار الأنوار، المجلد،79،ص.298)
حرم نبي الله ﷺ على النساء لبس الملابس المغرية والملفتة للنظر ولبس الخلخال او غيره مما يصدر الأصوات عندما يخرجن. ( مستدرك الوصيل، المجلد .14، ص.280)
الأحاديث الملفقة حول حرمان النساء من الجنة لانشغالهن بالذهب والملابس
"اطلعت في الجنة فإذا أقل أهلها النساء فقلت اين النساء؟ قال شغلهن الأحمران الذهب والزعفران" يعني الحلي ومصبغات الثياب
الأحاديث الملفقة التي تحرّم على النساء لبس الملابس الأنيقة
ساعد النساء بعدم الباسهن الملابس الأنيقة
اقتبست هذه الأحاديث هنا للإظهار مدى احتقار المرأة في دين المتعصبين مروجي الخرافات، ومدى حماقتهم ونقص عقولهم وبعدهم عن القرآن. فهذه الاحكام التي يأتون بها من خلال أحاديثهم الملفقة لا صلة لها بالقرآن بتاتا ولكنهم يصورونها على انها جزء من العقيدة؛ وبالتالي هم لا يدمرون جمال المرأة فقط بل يخلقون نموذجا لمجتمع كامل يخلو تماما من الحكمة ومدمر. منذ ذلك الحين نجد ان حياة أولئك الناس الذين يعيشون في مثل هذه المجتمعات هي مجمدة بلا قلب وبلا روح وتضمحل يوم بعد يوم، وتفقد الحياة قيمتها يوما بعد يوم في تلك المجتمعات. فعندما يدّمر جمال المرأة وهو واحدة من نعم الله العظيمة في الحياة، فهي تخسر روحها وينحدر مفهومها للمجتمع الى أسوأ ما يكون فتنطفأ شمعة الحياة عندها. فكما ناقشنا تفاصيل ذلك في أجزاء سابقة، فإن طمس عقول النساء وتجاهل افكراهن الخلاقة والبناءة، القادرة على العمل في كافة الظروف والسبّاقة للرجال في العديد من المجالات، يؤدي حتما الى حرمان المجتمع من العديد من الفوائد. ولعل أسوأ ما يكون في هذه الديانة المتعصبة هو ان المرأة نفسها تؤمن بهذه الخرافات التي تقال عنها ولا حرج في معاملة نفسها على انها هي فعلا اقل شأنا؛ حيث اعتادت هذه النساء على انهن أقل شأنا من الرجال وأنهن عاجزات عن القيام بالعديد من المهام وذلك لأنه يجري تربيتهن على هذا النهج منذ الصغر وبرمجة عقولهن ليكن كذلك؛ فلا يؤخذ برأيهن في أي مسألة وتترك جميع القرارات للرجل ويسلمن حياتهن بالكامل للرجل أيضا.
كما رأينا سابقا، فقد أشار الله عز وجل في الآيات الى الذين يحرّمون زينة الله ونعمه الجميلة، مثل هؤلاء الناس يتصرفون بما يتعارض مع القرآن الكريم:
" قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"(الأعراف،32)
كما رأينا بالفعل في التفاصيل، فالمرأة هي متعة وذات قيمة كبيرة في القرآن الكريم؛ فجمالها نعمة، وذكائها يقود المجتمعات الى افاق واسعة جدا. فقد أنعم الله بكل هذه الصفات الجميلة على المرأة؛ ومدحها وجعلها تحت رعايته.
يجب ألا ننسى أن المتعصبين هم من يحاولون تحريم الجمال وغيره من النعم التي أسبغها الله على عباده. ولذلك فمن الخطأ الكبير جدا إدانة أولئك المتعصبين والنظر إليهم على انهم يمثلون الإسلام الحقيقي وبالتالي انتقاد الإسلام الحقيقي عن جهل؛ فالناس الملتزمون فعلا بالقرآن ويمثلون الإسلام الحقيقي هم أولئك الذين يقدّرون الجمال والزينة ويقدّرون نعم الله المختلفة ويمارسونها في حياتهم، وليس أولئك الذين يحرّمونها.
إذا سادت الروح المتعصبة في العالم...
دعونا الآن نلقي نظرة على شكل العالم المفترض في ضوء هذه المحظورات في حال سيطر المتعصبين عليه. إذا تم تطبيق الحظر على الرسم والنحت من قبل مروجي الاشاعات في الحياة اليومية، فلن يكون هناك أي لوحات أو صور أو حتى ملصقات اعلانية في أي مكان في العالم، وبالتالي:
· لا يمكن استخدام أي رسوم توضيحية مع المواد الدعوية المكتوبة.
· لن يكون هناك أي رسوم توضيحية في الكتب المدرسية.
· لن يكون هناك أي صور على اشعارات البنوك.
· لن تكون هناك لوحات رائعة أو زخارف على الجدران في القصور.
· لن يكون هناك رسومات توضيحية مصورة للجسم البشري في حصص التشريح.
· لن تكون هناك مدارس الفنون الجميلة أو ما شابه.
· لن يكون هناك أي صحف او مجلات او كتب أو صفحات انترنت مصورة. وسيتم حظر مشاهدة التلفاز لأنه عبارة عن برامج مصورة.
· مع حظر المؤسسات الإعلامية، سنخسر فوائد عظيمة لا تحصى يتم الحصول عليها من وسائل الإعلام، ويصبح من المستحيل القيام بالدعوة حول القيم الأخلاقية، واخبار الناس الحقيقة حول القرآن الكريم.
المكياج، تصفيف الشعر، النظافة، الثقافة والحداثة و"الجودة" باختصار هم جميعهم متطلبات الإسلام
يجب ان يكون المسلم يجب أن يكون مهندم ونظيف وجذاب بالطبع، لأن الجمال، والأغراء، والاستمتاع بالفن كلها خصائص الله عز وجل، وكما تبين الآيات المذكورة أعلاه، فقد أغدق الله المؤمنين بالنعم؛ ولا يوجد في القرآن ما يشير الى تحريم اللبس والماكياج والرتابة. في الواقع، اعتادت النساء في زمن النبي ﷺ أيضا الخروج بشكل مغري وجميل وليس الذهب ووضع المكياج؛ وكذلك الرجال وخصوصا النبي ﷺ حيث كان يضع الكحل على عينيه كما يكشف لنا الحديث التالي:
هناك بحثا جذابة كما ومهندم ممكن في زمن نبينا (عليه الصلاة والسلام). وارتدى النساء الماكياج في ذلك الوقت، وأيضا: الرجال أيضا، بما في ذلك نبينا (ص) على وجه الخصوص، وارتدى الكحل على عيونهم. كما يكشف أحد الأحاديث:
فعن عائشة (رض): قال رسول الله (ص) تطبيق الكحل في عينيه بينما كان الصيام. (سنن ابن ماجة، الفصل 9، الحديث 1678)
النساء المسلمات في تلك الأيام تستخدم أحمر الشفاه، أحمر الشفاه والكحل ورسمت أيديهم والأظافر بالحناء. تستخدم النساء والرجال الأصباغ الخاصة لتلوين الشعر. نبينا (ص) تستخدم لتشجيع الناس على صبغ شعرهم، وحتى مصبوغ بلده.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: أكتحل النبي ﷺ وهو صائم (سنن ابن ماجة، الفصل التاسع، الحديث 1678)
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: عليكم بالإثمد، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر"( 3495، صححه الالباني في صحيح الجامع 4045)
تستخدم النساء في هذه الأيام أحمر الشفاه والكحل وتطلي اظافرها وايديها بالحناء، وكان الرجال يستخدمون صبغة خاصة لتلوين شعرهم، حتى ان النبي ﷺ كان يحث المسلمين على صبغ شعرهم وكان يصبغ.
وقالت زينب رضي الله عنها: «دخلتُ على أم حبيبة، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، فدَعَت أم حبيبة بطيب فيه صُفرة، خَلوق أو غيره، فدَهَنت منه جارية ثم مسَّت بعارِضَيها.(صحيح البخاري،الكتاب 63،الحديث 251)(الخلوق لونه وردي-اصفر يستخدم كأحمر الشفا)
أحاديث أخرى حول هذا الموضوع كما يلي:
في تقليد الطبراني فانه واجب "تغيير لون الشعر وذلك لمعارضة الأجانب(2111)
رواه أبو هريرة: قال رسول الله ﷺ: اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم (أي صبغ الشعر واللحى بلون غير الرمادي)." (صحيح البخاري، كتاب 56، الحديث 668، صحيح مسلم، كتاب 24، الحديث 5245)
قال أنس بن مالك، كان أبو بكر يخضب شعره بالحناء والكتم (نوع من النباتات المستخدمة في صبغ الشعر). (صحيح البخاري، كتاب 58، الحديث 257)
قال أنس بن مالك كان أبو بكر وعمر يصبغون بالحناء (صحيح مسلم، كتاب 30، الحديث 5779)
وروي عن صهيب الخير: ان النبي ﷺ قال "أفضل صبغة تستخدمها لشعرك هي تلك المادة السوداء التي تزيد من حب ازواجك لك وتزيد من هيبتك في وجه اعدائك." (صحيح مسلم)
وهناك بعض الأحاديث حول اللون الأصفر كان لون شعر النبي ﷺ المفضل:
عن ابن عباس قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء فقال ما أحسن هذا . قال فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال هذا أحسن من هذا ، ثم مر آخر قد خضب بالصفرة فقال هذا أحسن من هذا كل ه" "(سنن أبي داود، كتاب 33، الحديث 4199)
يا معشر الأنصار، صبغ شعرك الأحمر والأصفر، وخالفوا العجم (الفرس). (رواه أحمد، 21780)
كان بعض الصحابة يستحبون صبغ شعرهم بالأصفر بشكل عام، مثل علي وابن عمر وأبو هريرة، وكان البعض الاخر يصبغه بالحناء والكتم، والبعض بالصبغة السوداء، ومن بين أولئك الذين يفضلون الأسود كان حضرة عثمان، حضرة حسن، حضرة الحسن والحسين (ابناء علي)، عقبة بن عامر وابن سيرين وأبو البردة.
فعن عبد الله بن عمر: ... "رأيت رسول الله صلى الله عليه يصبغ باللون الأصفر، ولا شيء أحب إليه من ذلك. وقال كان يود صبغ كل ملابسه بهذا اللون، حتى عمامته. (سنن أبي داود، كتاب 32، الحديث 4053)
سئل أبو قتادة (رضي الله عنه) مرة رسول الله ﷺ "لدي شعر طويل، هل امشطه؟" فأجاب النبيﷺ: "نعم، واعتني به." ومن بعدها استمر أبو قتادة في الاعتناء به واحيانا استخدام الزيت مرتين في اليوم( (أي وضع الزيت عليه وتمشيطه) بسبب امر النبي ﷺ .(الإمام مالك وقد روى هذا الحديث مشكاة ص 384)
عن ابي ظهر ان النبي ﷺ قال: إن أفضل ما تغير به لون الشيب هو الحناء والكتم " (سنن أبي داود، كتاب 33، الحديث 4193)
كانت العديد من النساء في زمن نبينا ﷺ تستخدم الحناء لطلاء الأظافر بدلا طلاء الاظافر المعروف لدينا اليوم ،وكان النبي ﷺ يحث نسائه على طلاء اظافرهن أيضا.
عن عائشة رضي الله عنها: قدمت امرأة تحادثها من خلف الستار وتخبرها بانها لديها رسالة الى رسول ﷺ . فإغلق رسول ﷺ يده وقال لا اعلم اذا كانت هذه يد رجل ام يد امرأة " "فقالت" لا هذه يد امرأة." فقال " لو كانت يد امرأة عليك تمييزها من خلال الأظافر، اعني الحناء. "(سنن أبي داود، كتاب 33، الحديث 4154)
فعن عائشة (رضي الله عنها): عندما، قالت هند ابنة عتبة: يا رسول الله، أتقبل ولائي لك، فأجابها؛ "لا اقبل ولائك حتى تميزي راحتي يديك ..." (سنن أبي داود، كتاب 33، الحديث 4153)
النساء جميلات، بالطبع يجب ان يعتنين بأنفسهن
يجب ان تكون المرأة جذابة وأنيقة بالطبع، وكذلك سلوكها يجب ان يكون نبيل جدا أيضا، وهذا يعني القيم الاخلاقية العالية وبالطبع القيم الاخلاقية، تستجدي احترام الناس لهذا الشخص. هذا لا يعني أن يكون المرء جميل أو غني، ولكن ان تكون روحه جميلة يحب النظافة والاناقة ومظهره انيق باستمرار. كما يجب على المسلمين الاعتناء بأنفسهم بشكل جيد ليستكملوا النور الذي منحهم إياه رب العالمين، وان يعملوا على كسب احترام الناس لهم من خلال اخلاقهم وروحهم العالية ومنظرهم الانيق؛ فالنفس جميلة تحب كل جميل، وبالتالي يجب ان تظهر المرأة دائما بمظهر أخلاقي جميل وملابس جذابة وانيقة وان تكون واثقة جدا من نفسها، فالله جميل يحب الجمال أيضا ويدعونا اليه.
الماكياج هو وسيلة مهمة لأناقة المرأة واظهارها بمظهر جذاب، وهو نعمة من الله. ان الله يحب كل أشكال الجمال، ولذلك خلق النساء والزهور والأشجار والفراشات والطيور لتكون جذابة. كما اننا نعشق كثيرا الألوان المتناسقة على جناح الفراشة، والرسومات والزخارف المتناغمة على جسدها، وكذلك هي المرأة زينة ومتعة الزينة هذه الدنيا، وأكثر المخلوقات جاذبية. خلق الله الفراشات لتكون ممتعة ومرهفة وكذلك خلق النساء لتكون ممتعة ومرهفة؛ فالجمال الذي اعطي للمرأة من خلال اغرائها واناقتها هو نعمة من الله واعطاها قيمة كبيرة، حيث يلامس جمالها القلب مباشرة وتعشق العين النظر اليها، وعلى العكس تماما من ذلك المرأة التي لا تعتني بمظهرها ولا بأناقتها، فلا تجذب حب القلوب لها.
يحاول المتعصبين ادخال الناس الى الظلمات من خلال حظر الماكياج وافقاد الناس روح المتعة ودخال الناس في عالمهم المظلم الذي يخلو من أي سرور او فرح او جمال يذكر؛ فهم يعاملون المرأة على انها متاع يجب يغلق عليها الأبواب وتنفصل تماما عن المجتمع وان تخلو من أي جمال او جاذبية او قيمة جمالية اخرى. لذلك، دعونا نسأل، ما هي طبيعة الشخص الذي يفضل الايمان بهكذا دين او العيش في ظل هكذا مجتمع يهين المرأة ويعاملها كمخلوق مريض؟ من يفتخر بهكذا فكر او يؤمن به؟
لهذا السبب يعارض الغرب الفكر الأصولي، لكنهم مخطئون إذا اعتقدوا ان هذا هو الإسلام الحقيقي.
من حق المسلمين ارتداء الملابس الجذابة وامتلاك السيارات الجميلة والمنازل الفخمة
كان نبينا ﷺ وأصحابه قدوة في مظهرهم واناقتهم ونظافتهم ورتابتهم، كانوا الأفضل على الاطلاق في زمانهم. لو عاش نبينا في زماننا لكان من احسن الخلق مظهرا وخلقا؛ لكان يلبس اكثر الملابس عصرية و اناقة وجاذبية ، ولكان يعيش في افضل البيوت فخامة ولكان ركب افخم المركبات ، ولكان معروف بتميزه وذوقه الرفيع. في الواقع، تفيد الأحاديث التي نبينا ﷺ واصحابه كانوا اكثر الملابس اناقة وبهاء ، وكانو يلفتون النظر برتابتهم ، حيث كان النبي يرتدي رداء مطرزا باللون الذهبي:
واضاف "ان النبي ﷺ خرج في عباءة مطرزة بالذهب وقال: يا محرمة! هذا ما احتفظت به لك..." ( مجموعة الحديث العظيم، جمع الفوائد من جمع الأصول، ومجامع الزوايد، امام محمد بن محمد بن سليمان، الروضاني، منشورات عز، الطبعة الثانية، إسطنبول 2009، 257-261-262-265-271-271-273)
هؤلاء الناس الذين يحاولون نشر دين على اساس خرافاتهم وتقاليدهم الخاصة يعتبرون أنفسهم عموما بأنهم لا يستحقون أي شيء من الجمال او الجاذبية ويتصرفون انطلاقا من شعورهم بالنقص، وبالتالي لا يعتبرون أنفسهم - أو المسلمين عموما – انهم بحاجة للأناقة او الملابس الانيقة او المنازل الفخمة او السيارات الفارهة. لا يوجد أي مشكلة في ان تعيش في منزل فخم، او ان تمتلك سيارة فخمة أو ان ترتدي الملابس الجميلة الا انهم يفقدون صوابهم إذا رأوا المسلمين يفعلون ذلك. كما ان شعورهم بالنقص يزيد غضبهم أيضا ولا يتقوف غضبهم على غير المسلمين بل وعلى المسلمين أيضا.
يجب على المسلمين بالطبع فعل كل ما بوسعهم لحماية الأشخاص الذين يواجهون الصعوبات والسعي لمرضاة الله قدر الإمكان في هذا الصدد، لكن هذا لا يعني ان يكونوا في حالة يرثى لها من القرف والاوساخ وسوء المظهر. بل على العكس يجب ان يمتاز المسلم بشخصية قوية جدا لتوصيل دعوته؛ فكلما كان نظيفا، انيقا، مهذبا، عصريا، أكثر انفتاحا على الخارج، أكثر بهجة وأكثر انفتاحا على الأفكار الجديدة، كانت دعوته وايمانه أكثر مثالية عظمة، وحياته كلها أيضا. كما يجب على المسلمين جميعا ان يلتزمون بهذا النهج في حياتهم ويمارسونه بكل سرور.
فبدلا من أنماط الحياة البشعة التي يحتقرون فيها المرأة يجب على المسلمين التأثر بالنهج السلمي والحياة الكريمة التي يقدمها الإسلام و ان يعيشوا على نهج حياة القرآن التي يسودها الحب بدلا من الخوف والرعب. في الواقع، عاش الناس الذي عاصروا النبي ﷺ في رخاء من العيش ومارسوا نمط حياة يملاها السرور والسعادة وتأثروا جدا بها، فمن المعروف أن نبينا ﷺ كان دائما يرتدي العباءة البيزنطية والملابس الجميلة الأخرى عندما يلتقي بالأجانب. كما بعث نبينا ﷺ ضحية الكلبي في رحلات مختلفة لدعوة الشعوب الأخرى إلى الإسلام، وكان رجلا وسيم بشكل لا يصدق ويرتدي أثمن الثياب واجودها وخصوصا عندما يذهب في رحلات الدعوة للإسلام، فكان الناس ينجذبون الى أسلوبه ومظهره بشكل كبير ويتجمعون حوله في الطرقات ليعرفوا المزيد عن هذا الدين الذي يجعل الناس في هذا الشكل وهذا هو الهدف؛ ان يعلم الناس ان هذا الدين يدعوا الى الجمال والحياة الكريمة.
بعض الأحاديث النبوية التي تتناول اللباس وحسن المظهر كما يلي:
عن أبو الاوس عن ابيه مالك بن نضاله انه قال: أتيت النبي ﷺ في ثوب دون( يعني في ثوب دنئ حقير متسخ) فقال لي النبي ﷺ ألك مال؟ قلت نعم، فقال: من أي مال؟ قلت: قد أتاني الله من الأبل والغنم والخيل والرقيق، فقال النبي ﷺ فإذا آتاك الله ملا فليُرى أثر نعمته عليك.( نقل الامام احمد عن سفيان بن يونانه، عن الزارة عمر بن عمر عن عمه أبو الاوس بن مالك بن نضال عن ابيه مالك بن نضاله)
عن جابر رضي الله عنه: ذهبنا في معركة الانمار مع النبي ﷺ يا رسول الله، جاء معنا صديق من المدينة، فقد اعددناه ، وهو يتبعنا ويحمينا. اقترب الرجل يلبس قطعتين من الملابس الممزقة. عندما رأه النبي ﷺ فسئله " اليس لديه شيء يلبسه سوى تلك الملابس البالية؟ " لديه قطعتين أخريين اعطيناه إياهم في حقيبته" ادعوه وليضع الملابس الجديدة على نفسه" فندهنا عليه والبسناه الملابس. وعندما ذهب قال النبي ﷺ اليس من الأفضل له لبس هذه الملابس الجديدة بدلا من تلك البالية؟ فسمع الرجل ذلك وقال" يا رسول الله، هل البس الملابس الجديدة عندما اذهب في الجهاد في سبيل الله؟" نعم حتى وانت في الجهاد في سبيل الله"( مجموعة الحديث العظيم، جمع الفوائد من جمع الأصول، ومجامع الزوايد، امام محمد بن محمد بن سليمان، الروضاني، منشورات عز، الطبعة الثانية، إسطنبول 2009، 257-261-262-265-271-271-273)